اجتمع الحكماء في المدينة القديمة على رؤوس الجبال بعد ان ذاعت أخبارٌ ربطت مدينتهم بعمليات ضد الإرهاب حدثت في مكان بعيد، دفع فيها أحد أبناء مدينتهم الثمن غاليا من دمه، إذ أقدم شاب كان قد عاد مع عائلته إلى دفئ الوطن عام 1990 على القيام بعملية انتحارية.
قال أحد الحكماء أن "العمليات الأمنية السرية يجب أن تبقى طي الكتمان، فليس من مصلحة مدينتا القديمة يا أبناء الشعب الطيب الخوض في تفاصيلها".
أومأ اخر برأسه موافقا وقال: "كانت مدينتا دوما هدفا للإرهاب الأعمى، و كان أكثرها دموية منذ أعوام قليلة في عام 2005، في حين وأدت هذه المدينة الكثير من المحاولات الإرهابية في مهدها. إن صدنا المستمر للإرهاب أصبح جزءاً من طبيعة عيشنا، وعلينا الآن أن نكون أشد حرصا ووعيا وتكاتفا أمام عدونا الذي يبيت لنا الأذى."
قال اخر: "أين تقع تلك الثغور التي يجب أن نقف عندها ولا نتجاوزها مدافعين عن أمن مدينتنا ضد عدو يأتي بليل لا يأبه إن قتل طفلاً صغيرًا أو شيخًا كبيرًا أو امرأة؟ في ذلك المجال درهم الوقاية خير من الف الف قنطار علاج"
لفت آخر انتباه الحضور إلى أن الوقت "قد حان لأن نستخلص العبر مما حدث. إذ لا يجوز أن يستأثر نفر من المتطرفين بالحديث أو الفعل باسم الدين، يوجد كثيرون ممن كانوا وسطا وينتمون لمجموعات إسلاميه معتدلة أثبتت حبها وانتمائها لمدينتنا وعلينا أن لا نمنع أنفسنا من التواصل معها وفتح أبواب الحوار لها".
وتساءل آخر "ما الذي دفع شابا مثقفا حصل على فرصة نادرة ليحصّل علما ينتفع به الناس، ويتيح له العيش بسلام وهدوء وأن يتمتع بالأمن والاستقرار الذي يسود مدينتا القديمة - إلى أن يختار الموت بدلا من الحياة والعنف بدلا من السلام والحقد بدلا من المحبة؟" وأضاف: "إن انعدام الحوار والتفاهم بيننا من جهة وبين أناس ذوي ثقافات مختلفة من جهة أخرى قد يولد العنف والتطرف."
شعر أكبر الحكماء سنا بأسى لأن بعضهم قرر "أن يعيش من أجل الموت". وقال: "إن الله سبحانه وتعالى وهبنا الحياة لنعيشها كما أراد حتى تأتى مشيئتة بساعة الوفاة."
استمع الشعب الطيب في المدينة القديمة على رؤوس الجبال لحكمائه بكل سكينة واحترام، متفكرين بأمر مدينتهم التي قدر لها أن تكون دائما في عين الأعاصير عندما تهب رياحها، وكلهم عزيمة على مواجهة الأنواء كلما أزدادت عنفا، مصممين على رعاية مدينتهم وحمايتها من كل الشرور والاشراررار.
رنده حبيب
المفضلات