من المتوقع أن يكيف مدعي عام مكافحة الفساد شكل ونوع قضية "اختلاس الزراعة" بعد سير التحقيق في هذه القضية التي شغلت الرأي العام.
وللمدعي العام حسب المادة (7) من قانون هيئة مكافحة الفساد صلاحيات تكييف القضية حسب المعطيات المتوفرة من مجريات التحقيق من ناحية كونها (جريمة اقتصادية) أو اختلاس واحتيال وسوء ائتمان، استعداداً لرفعها بصيغتها النهائية إلى الجهات القضائية المختصة.
وتوقعت مصادر قانونية، بحسب المؤشرات الأولية المستقاة من التحقيق، أن تكون قضية اختلاس وزارة الزراعة ليست من اختصاص محكمة أمن الدولة للنظر فيها، بل من اختصاص المحاكم النظامية.
وكشفت مصادر مطلعة أن دائرة التحقيقات التي بدأت منذ أربعة أيام اتسعت لتطال موظفين في البنك المركزي كانوا مسؤولين عن صرف 27 شيكاً وقعها المتهم بالقضية لصالحه وصالح شريكه، منذ منتصف شهر آب الماضي، باستثناء شيك واحد لم يصرف.
وتركز لجان التحقيق استفساراتها على آلية صرف الشيكات من البنك المركزي، خاصة أن توقيع المتهم الرئيس (ع.ع) معتمد في كشوفات البنك المركزي، والملفت للانتباه أن بعض الشيكات كانت تصرف باسمه شخصيا وبمبالغ مالية كبيرة وخلال فترات متقاربة، ومعه اسم شريكه الهارب وزوجة أحدهما.
وترافق ذلك مع تزوير توقيعات مسؤولين وزملاء له مخولين بالتوقيع على الشيكات في القسم المالي، بعد الاطلاع على نماذج التوقيع المعتمدة لهم بحكم عمل (ع.ع) معهم.
وقدمت وزارة الزراعة معلومات مهمة للجنة التحقيق حول صرف الشيكات المزورة المسروقة من دفاتر الشيكات، بعد أن قام المتهم الرئيسي بتزوير تواقيع مسؤولين وزملاء له مخولين بالتوقيع على الشيكات في القسم المالي، بعد الاطلاع على نماذج التوقيع المعتمدة لهم بحكم عمل (ع.ع) معهم.
وبعد أن حصل ع. ع على دفاتر شيكات بحكم عمله في القسم المالي في وزارة الزراعة، اختار قبل أشهر وبشكل عشوائي (28) ورقة من دفاتر شيكات متعددة، حررها باسمه شخصياً وباسم شريكه.
إلى ذلك، نفت مصادر في وزارة الزراعة لـ"السبيل" أن تكون توقعت أن تظهر نتائج التحقيقات في القضية أمس، كما أشارت بعض وسائل الإعلام، مؤكدة أن هناك حلقات لم تكتمل بعد حول آلية صرف الشيكات.
من جهته، قال رئيس هيئة مكافحة الفساد عبد الشخانبة إن القضية ما تزال قيد النظر من قبل مدعي عام هيئة مكافحة الفساد. وأضاف في تصريح لـ(بترا) أن التحقيق ما زال مستمرا، وسيطال كل من له علاقة بالموضوع سواء كان داخل الوزارة أو خارجها.
وأشار إلى أن القضية تنظر على وجه الاستعجال والسرعة، وبالشكل الذي يكفل معرفة جميع مرتكبي هذا الفعل.
وأكد الشخانبة أن الهيئة اتخذت الاحتياطات اللازمة بخصوص إلقاء الحجز على الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للمتهمين، وإجراء الضبوطات اللازمة التي من شأنها المحافظة على المال العام.
الاستدعاءات التي حصلت لبعض المسؤولين من قبل بعض الجهات المختصة للتحقيق كانت تتعلق بطبيعة العلاقات التي كانت تربطهم بالمشتبه بهما، والاستفسار حول طبيعة وآلية العمل في القسم المالي.
ولم يثبت وجود خيوط أو أية علاقة لهم بهذه القضية بعد أن اعترف المشتبه به بقيامه وشريكه بالتزوير، إلا أن المتهم استغل ثقة أحد زملائه فقام بتوقيع شيك على بياض وقدمت معلومات مهمة حول صرف شيكات بأكثر من مليون دينار.
كما أكد مسؤولون في الوزارة من خلال مجريات التحقيق على مدار الأيام الماضية عدم وجود "دورة مستندية" للشيكات التي تم صرفها من الوزارة كعادة المعاملات الحكومية. وبالتالي فإن المعاملة لم تخضع للتدقيق من الجهات الرقابية الداخلية وديوان المحاسبة لأجل تبيان أوجه الصرف، كما هو معتاد في الأمور المالية في مختلف الدوائر الحكومية.
بينما سلمت لجنة التحقيق في وزارة الزراعة نتائج التحقيق الداخلية حول الاختلاس إلى وزارة المالية صاحبة الاختصاص في قضايا الاختلاس في مختلف أجهزة الدولة.
وقدرت مصادر مطلعة ارتفاع قيمة الحجوزات التحفظية على أملاك الشخصين المشتبه بهما في قضية الاختلاس من وزارة الزراعة إلى أكثر من 800 ألف دينار، وتتضمن 5 سيارات فخمة، وأكثر من عمارة سكنية، إلى جانب سبائك ذهبية، ومبالغ نقدية ضبطتها الأجهزة الأمنية أثناء مداهمتها لمنزليهما، ومنها 50 ألف دينار عربون شراء شقة في أحد مناطق عمان الغربية أرجعه صاحب شركة الإسكان.
تمكنت الجهات الحكومية حتى الآن من من استرداد ما قيمته (800) ألف دينار من أصل (1.162.352 دينارا و475 فلسا)، وذلك بعد بيع الممتلكات العائدة لهذين الشخصين بالمزاد العلني بقرارات قضائية.
من جانب آخر، قام "الإنتربول" بالتعميم على الشخص الهارب على كافة المرافق الحدودية البرية والبحرية والجوية، وتجري حالياً اتصالات مع الجانب المصري لتسليم المدعو (ث. ح) إلى السلطات الأردنية، خاصة أن هناك اتفاقية مشتركة موقعة بين البلدين لتسليم المجرمين.
ومن المتوقع أن يعقد وزير الزراعة سعيد المصري بمشاركة عدد من كبار مسؤولي الوزارة مؤتمرا صحفيا تحضره كافة وسائل الإعلام في الأيام القليلة القادمة، يوضح فيها كل ملابسات وجوانب ونتائج التحقيق في هذه القضية التي شهدت متابعة كبيرة من الرأي العام، وسيحول ملفها إلى الجهات القضائية.
وعلمت السبيل أن المشتبه به (ع. ع) يبلغ من العمر (38) عاما وهو من سكان الزرقاء، كان عيّن في الوزارة قبل حوالي خمسة سنوات على الحالات الإنسانية بموجب توصية ديوان الخدمة المدنية، وتوثقت علاقته مع المشتبه به (ث. ج) بحكم عملهما معا في نفس القسم المالي في الوزارة، وكان (ع.ع) يتردد على جمهورية مصر عند المشتبه به الآخر، حيث تزوج الاثنين سيدتين تحملن الجنسية المصرية، كما أجرى (ع.ع) مكالمات مع جمهورية مصر العربية بمبالغ مالية كبيرة، تراوحت في الأشهر الأخيرة بين 1400 دينار شهريا إلى 881 دينارا.
والذي لفت انتباه زملاء المشتبه ظهور مظاهر الثراء عليه، واشترى في الفترة الأخيرة سيارة مرسيدس موديل 2010.
أما (ث. ج) فهو في الثلاثينيات من عمره، ومن موظفي السفارة السابقين، سبق له الاحتيال على زملائه من موظفي الوزارة في قضية اشتراكات أجهزة الخلويات وشكلت حينها لجنة تحقيق، قدم استقالته على إثرها بعد أن جاء إلى الوزارة بسيارة فخمة يقودها سائق، وعلم أنه أنشأ شركات كمبيوتر واتصالات مع مصر.
المفضلات