التف أناس في حلقه وسط الطريق وذهبت لأرى ماذا حدث فوجدت وسط هذه الحلقة
رجل منطرح أرضا وينيحنى عليه رجلان تبينت من بعد ذلك أن إحداهما والأخر من
الجماهير الملتفة ، زاحمت ووقفت داخل الحلقة وأخذت أمارس عملي الذي أظن انه
لي بالرغم من أنى لم أتجاوز السنة الثالثة من كلية الطب البشرى ، تحسست نبض
الرجل فكان النبض ضعيف جدا فأخذت أنادى بضرورة إحضار سيارة لنقل المصاب إلى
المستشفى على الفور .
وصلت إلى المستشفى فنقل الرجل إلى غرفة العناية المركزة في سرعه وكان ذلك
بتوصية منى بواسطة البطاقة الصحية التي احملها ، سمعت صوت يناديني فوجدت
رجل يحمل حقيبة يد ثم قذفها إلي وأشار أنها ملك للمصاب وكان بها شيئا ممنوعا .
توجهت لغرفه المريض وبيدي الحقيبة جلست بجوار الرجل ولم يظهر عليه وجود اى
جروح أو كدمات بالرغم من تعرضه لاصطدام سيارة ، نظرت إلى وجهه الهادئ وكأنه لا
يعانى من اى شيء تعجبت كثيرا من أمره ، ولكن هذا لم يمنع فضولي وأخذت اعبس
بمحتويات الحقيبة فوقع بصري على مجموعة من الأوراق وقد خط أعلى أول ورقه فيها
"مذكرات" وبلغ فضولي ذروته عندما فتحت المذكرات وتصفحتها في عجالة ثم بدأت
القراءة من منتصف الأوراق تقريبا ، انتابني شعور غريب ..... ولكن بدأت في القراءة فعلا .
"تأملت هذا الوجه - اعرفه جيدا - هذه الملامح الهادئة وهاتان العينان البريئتان
واستضاءت هذا الثغر المنظم الذي يدل عن طبيعة صاحبه ..
هذا الوجه السمح انه وجهها هي لم اخطىء أبدا فيه وان جرت عليه بعض التغيرات
بفعل الزمن ويؤكد هذا الجسم الرشيق الذي ينم عن الخفة والرشاقة وهاتان الراحتان
اللتان تبعثا فيك الدفء قبل أن تلمسهما .. اقتربت منها .. ولم تلحظني .. اقتربت أكثر
ومددت يدي
فبقيت على حالها فأصدرت صوتا كي تراني فالتفتت إلي فبدا عليها الدهشة وابتعدت
بشيء من الخوف وما زالت يدي ممدودة ..تبسمت لكي أزيل الجمود من الموقف لعلها
لا تذكرني فبدا عليها وكأنها لا تعرفني وهى تنظر إلي بعين فاحصه مرتابة .. وهنا فقط
سحبت يدي إلى جواري وتذكرت أن الوجه الذي اعرفه قد رحل منذ زمن ولن يعود مرة
أخرى .
رجعت إلى بيتي وكلى حسرة وألم وسخط على الأيام التي لم تكتفي بنزع حبيبتي
منى ولكن ترجع وتنبش مكان الجرح القديم وتعود وتذكرني لكي أعيش الآلام مرة
أخرى .
أرخيت جسدي وتركت جسدي يتخيل ويمرح ويتألم وينزف ويموت ويحيا مرة أخرى ليرى
إن الوجود لم يتغير ويعيش الواقع الأليم فيتمنى أن يحيا في الخيال ولكن أدرك أن هذا
محال . بقيت وحدي أضم جرح القدر وقلبي يسال ويعود فيستسلم .. يالها من لحظات
تمر وكأنها أحقاب .. الواقع مر ولكن نحياه والخيال جميل ولكن نخشاه ، فلقد أحببتها ..
عشقتها بالرغم من أنى لم أراها وعندما رايتها تيقنت أنها هي فتاة احلامى . أحببتها
في وجداني .. عشقتها في خاطري ..فكم مرة رسمتها في بناني . تملكت كياني ..
سكنت داخلي .. انسكبت في عقلي وتشربت خيالي تشبع بها كل ثغره في نفسي
أصبحت أنا هي لم اعلم لها هوية إلا أنى أحبها .غير في الزمن ما غير ولكن بقى عقلي كما هو مدون عليه لحظات الفرح ومحفور عليه
سنوات الألم والشقاء بقيت على حالي هذه حتى سرق النعاس اليقظة وأصبحت
هامدا جامدا كالموتى انتظر الحياة لكي تعود كرات الزمن00 تسلل الضوء إلى جفني
فأدركت انه الصباح فاستعديت للخروج وقبل أن اخرج قفز إلى ذهني شيئا فأخذت
المذكرات وكتبتها وهى "من لا يملك الحب لا يملك الحياة ، ومن لا يملك الحياة لا
يستحق أن يعيش " وخرجت بعدها لا يهمنى أن أعود أو لا أعود فلقد تساوى عندي
الأمران "أغلقت الأوراق وشردت للحظات وانتبهت لصوت صفير مكتوم وتطرقت إلى الصوت
فإذا
به آت من جهاز أعلى جهاز المريض فنهضت مسرعا إلى الطبيب وامرنى أن أظل خارج
الغرفة ورأيت بعض الممرضات تسرع بالدخول ، ولدقائق خرج الطبيب وعلى وجهه
علامات اعتاد رسمها وهو يقول لي العبارة التي طالما قالها
.
انتهت الإجراءات ونفذ صبري معها وعدت إلى بيتي وذهني مشحون بأشياء كثيرة ،
وأرخيت جسدي على الفراش وأنا أفكر في هذه الكلمة التي كتبها الرجل المتوفى
واردد في عقلي كيف هو ملك الحب ولم يملك الحياة تردد هذا السؤال في ذهني ولم
أجد لها اجابه وظللت في وضعي هذا حتى سرق النعاس اليقظة وأصبحت هامدا ........................................ .!
قرأتها واعجبتني فنقلتها لكم
المفضلات