أخواني الاحبة
كثيراً ما نجد أنفسنا وسط معركةٍ حواريةٍ تختلف بها الاراء والمعطيات وقد يصل الامر بنا الى رفع الاصوات وكسر العصا ، وهذا سببه تمسكنا بأرائنا ولكن بمعرفتنا بأسس الحوار الهادف البعيد عن التشنج والعصبية يمكن ان تكون هناك منطقة وسط نستطيع من خلالها مسك العصا من منتصفها والتوصل الى ما نصبوا اليه من حوارنا من الاستماع الى رأي الاخرين وأسماع رأينا اليهم بكل الحب والصدق والامانة . وحين يتم الحوار بين شخصين أو اكثر ويكون هناك أختلاف في الرأي العلمي أو الثقافي أو الاجتماعي... يجب علينا أن نفهم وأن نلتزم بأسس الحوارالهادف .
وتالياً بعض من أسس الحوار الهادف :-
1: أن نحاور الآخر بقلب مفتوح
ولكي ندخل إلى قلوب الآخرين وإلى عقولهم لابد ان تكون قلوبنا مفتوحة... وان تكون قلوبنا مملوءة بالحب، والرحمة واللين... وأما القلوب المغلوقة، المعقدة، المملوءة بالكراهية والحقد والحسد والقسوة فإنها لا تملك القدرة على أن تفتح قلوب الآخرين وأن تفتح عقولهم.
. قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159
وقال تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44) } سورة طه
وحين كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في أعلى درجات المعاناة من قبل الكفار والمشركين كان يلهج لسانه بهذا الدعاء:-
**كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون **
الراوي: عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3267
خلاصة الدرجة: صحيح
2: أن لا نسيء الظن بدوافع الآخرين
فالدوافع مسألة قلبية لا يمكن اكتشافها بسهولة... قد احاور الآخرين في أفكارهم وآرائهم، وقد تقودني قناعتي إلى رفض تلك الأفكار والآراء والى نقدها و تخطئتها... ولكن أن نتهمهم بدوافعهم ونواياهم فهذا صعبٌ جداً
وبأمكاننا ان نعرف الخطأ والصواب لانهما من الممكن التحقق منهما وأكتشافهما من مصادر مختلفة كثيرةٍ وأن نحاسب الاخرين على ضوء ذلك لأفكارهم وأرائهم . أما الدوافع المغروسة في قلوبهم
فأننا لا نستطيع الوصول اليها وتحتاج منا الى جهدٍ ومحاورةٍ شديدةٍ
حيث قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) "إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6724
خلاصة الدرجة: [صحيح]
مشكلة بعضنا أننا نفتش دائما عن أسوأ الاحتمالات في تفسير سلوك الآخرين وخصوصا الذين نختلف معهم بالرأي ، ربما يكون الاحتمال الأسوأ هو أبعد الاحتمالات، ولكنه يبقى هو الاحتمال الأقرب عند بعضنا ، لكوننا لا نملك القدرة على أن نحسن الظن بالأخرين
3: أن لا نلغي الآخرين أو نقلل من شأنهم
فحين نقول اننا على صواب والأخرين على خطأ فأننا بذلك نقتل كل سبل الحوار او على الاقل نُعقد المسائل الحوارية بيننا ولأننا لا نكون واقعين في طرحنا هذا في معظم الحالات .
ان المنهج القرآني في الحوار يضع المتحاورين مهما كانت قناعاتهم في صف واحد، فالحقيقة في لغة الحوار ليست ملكا لهذا الطرف أو ذاك،لأن الأطراف تشترك جميعها في رحلة البحث عن الحقيقة،وربما يكون احد الاطراف واثقا كل الوثوق انه يملك الحقيقة، الا ان منهج الحوار الموضوعي يفرض عليه ان يعتبر نفسه باحثا عن الحقيقة ومتعاونا مع الآخر في الوصول اليها.
جاء في القرآن على لسان النبي( صلى الله عليه وسلم )وهو يحاور المشركين: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }سبأ24
لم يكن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) شاكا وهو الذي جاء بالحق وصدق به، كان واثقا كل الوثوق انه يملك الحقيقة كل الحقيقة، ويملك الهدى كل الهدى، والآخرين لا يملكون الا الضلال.
ولكن منهج الحوار، فرض عليه ان يحرك أجواء الحوار في خط الحياد الفكري واعتبر نفسه لا يملك رأيا مسبقا، ولم يدع انه على هدى والآخرين على ضلال، بل ساوى بينه وبين الآخرين في فرضية الصواب والخطأ وفي فرضية الهدى والضلال، وهذا أرقى اسلوب في الحوار .
أذاً يجب ان نقول ان أرائنا تحتمل الصواب والخطأ .
4:عدم الرفض المطلق لرأي الآخرين وكذلك عدم طرح المُسلمات التي لا تقبل النقاش .
وهذا لا يعني ان نتنازل عن قناعاتنا التي تكونت لدينا من وراء البحث والدراسة والأطلاع وتناول المعرفة من مختلف جوانبها وهذا ما نحن ( لا نملكه ) لاننا لا نحب القراءة .
وانما هو الاسلوب الأمثل لتحريك الحوار والأسلوب الأنجح لتحقيق أهداف الحوار.
5:عدم المشاركة في حوار لا نفقه فيه
فعلى سبيل المثال حين نتهم احدٌ ما بأنه نال مركزه هذا بواسطة التملق والمدح بغير محله وهولا يعرف كيفية الوصول الى المركز ذاك يكون من (......)طرح هذا الاتهام ومن الجهل مناقشته حوله ، فلذلك حين نهم بمناقشة وحوار الاخرين يجب علينا الالمام بكافة جوانب الموضوع المطروح" للنقاش والحوار" على أسس معرفية قريبة جداً من الحقيقة .
ولنكن اخواني على درايةٍ تامة من اسس الحوار البنّاءة، وان نزيد ونُنمي معارفنا بالمزيد من القراءة والبحث والدراسة .
المفضلات