وديع عواودة-القدس المحتلة
بين عنوان وآخر عن تهويد القدس المحتلة تسقط عناوين أخرى لا تقل خطورة ومكرا. فمقابل الانتهاكات المعلنة من هدم الحجر حتى قطع الشجر وفاعلها معلوم، تجري سياسات هدم البشر، تقدير فاعلها مستتر، أما المفعول به فهم المقدسيون العرب.
يرتبط أحد هذه العناوين باستفحال تعاطي المخدرات والكحول في القدس بشكل غير مسبوق كما تدلل معطيات البلدية والجمعيات الأهلية للعام 2009.
وكشفت جمعية "الهدى" لعلاج وتأهيل المدمنين التي تتخذ من المقام التاريخي للنبي موسى مقرا ثانيا لها إضافة لمركزها في مخيم شعفاط، أن عدد مدمني المخدرات العرب في القدس وضواحيها (300 ألف نسمة) يبلغ نحو ستة آلاف على حين يصل عدد المتعاطين لها نحو 25 ألفا في العام 2009.
ويفيد مدير جمعية "الهدى" أحمد حجازي أن السموم أخذت تنتشر في صفوف المقدسيين مطلع التسعينيات عقب ازدياد نشاط تجار مخدرات إسرائيليين من أصل روسي روجوا الهيروين والكوكايين.
وقال حجازي للجزيرة نت إن الظاهرة كانت تقتصر على بضع مئات قليلة من المتعاطين لكن أعدادهم تضاعفت عقب هجرة الروس اليهود التي بدأت عام 1990.
ويرى حجازي أن استفحال الظاهرة مقارنة مع بقية الأماكن في البلاد إنما يدلل على وجود أياد خفية تعبث بالمدينة من خلال استهداف البشر فيها مستغلة أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.
حاتم عبد القادر: معالجة ظاهرة المخدرات في القدس تحتاج لدعم عربي واسع (الجزيرة نت)
مساعدة محدودة
أما السلطة الفلسطينية فتنبهت للظاهرة متأخرا وظلت مساعدتها في هذا المجال محدودة في وجه الاحتلال الذي أغلق مركز الفطام في "النبي موسى" عام 2000 قبل أن يعيد فتحه في 2003.
ويوضح جميل (40 عاما) من باب السنسلة في البلدة القديمة أنه قدم لمركز الفطام في عناتا التابع لجمعية "الهدى" بعدما خرب عليه عالمه جراء السموم التي تعرف عليها عام 1984.
وقال جميل للجزيرة نت إن سوق المخدرات لا يعرف الليل والنهار وإن القدس وخاصة البلدة القديمة منكوبة من هذه الناحية، وتابع "يوزع تجار يهود كبار المخدرات في الشارع المقدسي بواسطة تجار عرب ثانويين ولا شك لدي اليوم أن هناك أهدافا سياسية ماكرة ولئيمة عدا المتاجرة خلف هذه الآفة".
وتعرب الفعاليات الأهلية المقدسية عن قلقها من انتشار المخدرات من حشيش وحبوب هلوسة بين طلاب المدارس الثانوية.
ويحذر مسؤول ملف القدس في حركة التحرير الفلسطينية (فتح) حاتم عبد القادر من تفاقم المشاكل الاجتماعية كتفشي العنف والبطالة خاصة انتشار آفة المخدرات.
وقال للجزيرة نت إن معالجتها تحتاج لدعم عربي واسع، وأضاف "نعاني من تمزق بالنسيج الاجتماعي والعائلي والأخلاقي وتبلغ نسبة تعاطي المخدرات أعلى نسبة في العالم، وهذه الآفة شملت المدارس والبنات، لذا نحن بحاجة لجهود استثنائية لمواجهتها بالوقاية والإرشاد والعلاج، فالخطر داهم لا على هوية القدس العربية فحسب بل على سكانها".
"
حاتم عبد القادر: نسبة تعاطي المخدرات بالقدس هي أعلى نسبة في العالم وهذه الآفة شملت المدارس والبنات ولذا نحن بحاجة لجهود استثنائية
"
قطرة ببحر
ويعترف أحمد، وهو عامل اجتماعي في قسم الشؤون الاجتماعية في بلدية القدس المحتلة، بأن مجهود البلدية في مكافحة المخدرات مجرد قطرة في بحر، وأشار إلى أنه "نظرا لاتساع الظاهرة الخطيرة نحتاج لمائة مركز لتقديم الفعاليات الوقائية والخدمات العلاجية، رغم أن بعض الجمعيات والمؤسسات الأهلية تسعى للعمل وحدها على إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وقال أحمد إن الاحتلال يشجع على تفاقم الظاهرة بالتغاضي عن المتاجرة التي تتم في وضح النهار واستنكاف البلدية عن توفير موارد حقيقية لمواجهة الآفة التي تتمدد يوما عن يوم جراء حالة الانفلات الأمني.
وتابع أحمد "يظهر هذا جليا عندما يصول ويجول مروج المخدرات في شرق القدس وما أن يحاول بيع سمومه لأحد سكان الشطر الغربي من المدينة حتى تداهمه الشرطة".
المصدر: الجزيرة
المفضلات