bvإلى حد ما مضى ذاك الزمان , وكل شيء قد تغير.. وحين مررت على المفرق الذي كانت تسكنه حكايات الجان وعفاريت الليل والضباع ووحوش البراري أو هكذا كان يخيل لنا إلى درجة الرعب الحقيقي ,
كانت بعض قناديل البلدية تشع بالكهرباء وبعضها نسيت معلقة تشهد على مشاريع دشناها بالفرح ونسيناها دون حزن لكأنما أدمنا أن لاتشتعل قناديل بلدياتنا دفعة واحدة.. ولاحتى تتناوب رغم ارتباطها بالتيار المتناوب .. استثمار الكهرباء في خدمة الناس عندنا لايرتبط بالتيار المتناوب بل يرتبط أكثر من ذلك بكثير بتناوب المسؤولية على أصحابها?! أنت اليوم مسؤول تضاء من حولك قناديل ومصابيح ولاتعرف لها صباحاً والضحى صديقها وأحياناً حتى الظهيرة.
رغم شح الكهرباء على ذاك المفرق ورغم الهواء العاصف الممطر وثنايا ضباب خفيف.. رغم أنها الطبيعة التي كانت وما زالت خطر لي السؤال : لو بعث اليوم أولئك الاوادم الذي كانوا هل سيعرفون هذا المفرق?!
كل شيء قد تغير حتى الأوادم رغم لفيف من قوم يحاولون استعادة السيرة .. أعني سيرة الاوادم... الشرح والتفاصيل والاستشهاد بأحاديث وأقوال مأثورة غالباً لاتؤدي الغرض وكثيرا ما تتلى بشكل خاطئ لكن الأوادم هم الأوادم.. زعماء مفترضون يفتقدون كل مقومات الزعامة عدا الحاجة التي تدفع الناس الى الاستنجاد بهم للتحكيم بين المتخاصمين .. للنصح فيما ادلهم من أمور ... لترتيبات احتفالات الفرح ومراسم الحزن ..لكن أوادم اليوم افتقدوا الكثير من بريق أوادم الأمس !! إنها مسألة وقت فلم يعد لدى الناس وقت يكفي لسماع الحديث يتهادى بطيئاً من الأفواه التي تحاول التفخيم وتكرار الاستشهاد واستحضار الأمثال.
لقد تبدل موقف الناس وأخلاقهم وحين تسمع أحاديثهم عن فلان وفلان تعتقد أن الدنيا لم يبق فيها أوادم .. و يقول ( سعدو ) : اليوم أحسن .. أوادم اليوم أحسن من أوادم الأمس.. أنا لا أستطيع كالآخرين أن أمتدح كل الناس.. مديح كل الناس يظلم الجيدين .. ويخدم السيئين .. اليوم الناس أصبحت تفهم .. وليس كل واحد يستطيع أن يعلن نفسه أنه من فئة ( الأوادم).
كل شيء تغير يا سعدو .. كل شيء تغير .. ليس فقط الأوادم .. هل تذكركم كان هذا المفرق مرعباً.. انظر اليه اليوم , انظر اليه والكهرباء تسكنه .. كل شيء تغير..
قال سعدو البسيط الذي يقول ما يخطر له دون تردد : صحيح .. في الماضي كان هناك مفرق مرعب على جنبات القرية واليوم أنا مرعوب في كل جوانب القرية .. قريتنا أصبحت بكاملها مفرقاً مرعباً..خفت أنا على سعدو من الملاحقة. فأعطيته فرصة كي يغير كلامه قبل ان يصل الحديث الى من يهتم به... فأصر... وقال: لقد رحلت قريتنا بكاملها وسكننا عوضا عنها مرافق الرعب... اخبار الموت والدم والقتل والدمار من كل مكان... فما الذي يرعبك أيها القادم من المدينة في فحيح أفعى او عواء ذئب..?!
ألم يقولوا أن العالم أصبح قرية صغيرة... يعني ان قريتنا الصغيرة اصبحت عالماً... ومن يومها ايها المدني المنبوذ... لم يعد لك قرية ... لم تعد لي قرية... لم يعد من قرية... فأجلس وابك أطلال المفرق المرعب الذي تتذكره.
من ثقف سعدو..?!
من جعله يتكلم بكل هذه الحرقة والألم...?!
أرجوكم أعيدوه الى طرقات القرية ساخراً يمازج حتى الحجارة...
أرجوكم أعيدو طرقات قريتنا...
بل أعيدو القرية...
يومها قال لي رئيس البلدية ... مازلت تحن ?! اذن خذ شكواك فلماذا تريد مصباح انارة.... خذ شكواك واستعد المفرق المرعب وصوت الضباع والذئاب وحكايا الجان...
قلت... لا... بل اريد الانارة ... فسعدو ذكرني أن المفرق المرعب أصبح في كل مكان.
bvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbv bvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbvbv
المفضلات