أحبتي .. في احد الأيام زرت احد أقاربي في المستشفى ... ورأيت بابا مفتوحا فيه شابا ملقى على السرير وكأنه نائما
لكن ملامحه كانت توحي بشيء غريب .. وكانت تجلس بجواره امرأة اعتقد أنها أمه
وبعد السؤال اتضح لي انه غارق في غيبوبة استمرت سنتين ..
اثر حادث مؤسف .. فجال في خاطري أن ارسم له قصة أتمنى أن تصبح حقيقة .
هادي وغيبوبته المؤلمة
طرقتْ باب غرفته الصامتة
متمنية سماع كلماته وتحركاته
لكن كالعادة لا تسمع إلا صوتها
يرجع بخيبة أمل ويفتح لها
قبّلت جبهته الرطبة بدموعها الحارة
التي تناثرت لتحمل الألم والشقاء
أخذت تقلب يديه وتنظر إلى وجهه
وتقول أين أنت بني .. بماذا تحلم
لقد طال سفرك .. وغاب طيفك
لقد سامت العيش دونك
بني حبيبي ... كل عام وأنت بألف خير
يوم غدٍ عيد ميلادك
أتمنى رجوعك لتنير حياتي
والله لقد ذرفت الدموع كثيرا على غيابك
حتى أصبح مجراها محفورا في وجنتي
وقد صاحت قطرات دمي
لترسم البؤس والحرمان
في قلبي الذي غابت ضحكاته
:0233::0233::0233::0233:
ياااااه إني أرى الدموع تمطر من عينيها
مسكينة تلك الأم المفجعة بابنها
كل يوم تأتي للمستشفى
وتلقي التحية على ابنها هادي
متمنية رجوعه ليسكن حياتها
ويُرجع إليها زهور ربيعها
وعبير ورودها
وصفو ينبوعها الذي أصبح عكرا
مسودا من شدة ظلمته الدامسة
هادي ... إني أراه ملقى على سريره
بعدما دخل بغيبوبة قد طال سفرها
وبعدما شبعت والدته من لقاءه الصامت
رحلت إلى بيتها ودموع الحسرة تملا مقلة عينها
لم تغب طويلا .. فقد أفاقت من صباح يومها التالي
وجلبت لباسا لابنها مباركة له بعيد ميلاده
هاأنا أراها تطرق باب غرفته من جديد
لكن هذه المرة قد سمعت همسا وتحركا
فقد ظنت انه احد الممرضين يتابع حالة ابنها
وعند دخولها وجدت همس ابنها
يرن في آذانها ويفتح باب قلبها
هرعت إليه والصيحة تملا فمها
والدمعة تنفر من عينيها
ولدي وقرة عيني أنا أمك هل تسمعني
كان يكرر أمي أبي أين أنا
في هذه اللحظة انصب سيل من دموعها
ملا سمائها فرحا وشوقا
وصارت تلملم أشلائها المترامية في ينبوعها
صرخت بشدة حتى اهتزت جدران المستشفى
فزع الأطباء والاستغراب يملا ملامح وجوههم
سبحان الله الذي يحي ويميت
تناثرت وتدفقت الدموع منهم
واخذوا يسعفون ابنها
في هذه اللحظة لم استطع الاستمرار في
جلستي .. بعدما بللت وجهي من الدموع
سأرجع إليهم بعد حين
ليهنئوا بسعادتهم وبهجة لقائهم
بحمد الله ولطفه قد رجع هادي
إلى بيته بصحبة والدته التي طوت صفحة الألم والحرمان
وبدلتها بصفحة بيضاء تخلو من الهم والمأساة
وأكمل حياته بسرور وهناء
وشرب من ينبوع والدته
المليء بالحنان والوئام
أتمنى أن تصبح حقيقة هذه النهاية ويرجع هادي لبيته ويملاه نورا ويستعيد ضحكة أمه
اللهم آمين
تحياتي : بشـــــار
رسمت هذه الكلمات بتاريخ 22/11/2009
المفضلات