الملكة رانيا العبدالله: جدار الفصل العنصري رمز للحقد والكره وانعدام الثقة
عمّان - الغد - أعربت جلالة الملكة رانيا العبدالله عن توقها لمشاهدة اليوم الذي يسقط فيه جدار الفصل العنصري الذي شرعت إسرائيل في بنائه في العام 2002 عقب عملية الاجتياح الكامل للضفة الغربية التي أطلق عليها اسم "عملية السور الواقي" والتي شهدت جرائم حرب في جنين ونابلس، وتدميرًا هائلاً للبنى التحتية للمدن الفلسطينية كافة.
وأطلقت إسرائيل على هذا المشروع الاستعماري العنصري اسم "السور الأمني الواقي" وهو ما اعتبره محللون من أخطر المشاريع التي تهدد معالم مستقبل فلسطين التاريخية على الأرض، وتقضي على الحلم الفلسطيني في الدولة المستقلّة.
ورأت جلالة الملكة في الجدار رمزا للحقد والكره وانعدام الثقة، مشددة على أنه ما لم تسقط جدران الفصل وتزال الحواجز والأسلاك الشائكة، لن يلتئم شمل الإنسانية.
واستذكرت جلالة الملكة رانيا العبدالله احتفالات العالم بذكرى سقوط جدار برلين، ومن بعده ذكرى سقوط نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا. وقالت إننا نحتفل بهذين الحدثين لأنهما علّمانا بأنه "عندما تسقط الحواجز سواء العرقية أو القانونية أو التي نشيدها في قلوبنا تصبح الأرض مستوية وقابلة لزراعة بذور السلام".
وقد وردت أفكار جلالة الملكة في مقال نشرته الثلاثاء الماضي صحيفة "هفنغتون بوست" الأميركية، ونشرت ترجمته العربية صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية تحت عنوان "ماذا عن الجدار في فلسطين؟"
ونعيد نشر مقال جلالة الملكة في "الغد" لأنه يعاين كيف يمكن أن يتآكل السلام وتتمزق المجتمعات "كلما ازداد عصر أفعى الكونكريت".
تقول الملكة: "سقوط جدار برلين: شهادة على قوة الثورة السلمية. بحر من العواطف والشعور بالنصر فاض، وغرق العالم بدموع الفرح، حتى أنا.. طالبة في الثانوية في الكويت شاهدتُ سقوطه على التلفاز فتأججت في داخلي مشاعر إنسانية لجمع شمل الأحباء؛ أصدقاء وإخوانا وعوائل فصل بينها جدار. حلو مذاق انتصار المشاعر الإنسانية أو بالأحرى انتصار الإنسانية؛ مرّرت مذاقه في حلقي وحلق كل عربي غيرة على إنسانية لم تسقط لأجلها الجدران. بل لا يزال الجدار يعلو مع علو كل صرخة ساخطة عليه.
ذكرى سنوية يحتفل بها العالم.. ذكرى سقوط جدار برلين. لكن ماذا عن الجدار في فلسطين؟!
الحكومة الإسرائيلية تدعي أنه شيد ويشيد لحفظ أمن إسرائيل ولفصلها عن فلسطين.
وبينما هو "يحمي" مستوطنات غير شرعية، توغلت أناكوندا الكونكريت عميقا في فلسطين، فاصلة بين الجار وجاره، والفلسطيني وأخيه، والفلاح وحقله، والطفل ومدرسته، والشابة وجامعتها، والكهل وابنه وحفيده. أناكوندا التفت على حياتهم فخنقتهم.
حتى باعتراف منظمة "بيتسليم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، يعزل الجدار نصف مليون فلسطيني عن باقي الضفة الغربية. مجتمعات تتمزق كلما ازداد عصر أفعى الكونكريت. ماذا نقول لهم؟ كل عام وذكرى سقوط جدار برلين بخير في ذاكرتنا!
ها هو الجدار في فلسطين اليوم..
خمسة أعوام مضت على إصدار محكمة العدل الدولية حكمها القاضي بوقف إسرائيل تشييد الجدار وتفكيك ما شيد وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي تسبب بها.
أربعمائة كيلومتر من الفصل، ازداد طوله الضعف منذ وقت صدور الحكم! لا مبالية بحكم العدل الدولي تعلن إسرائيل أن ثلثيه شيدا والثلث الأخير مشروع جار تنفيذه.
انقسام عميق.. والجدار ما هو إلا أحد تصدعاته الجانبية. رمز للحقد والكره وانعدام الثقة. صدع لا يصلَح وظلم لا يمكن تبريره.
وحتى تسقط جدران الفصل وتزال الحواجز والأسلاك الشائكة لن يلتئم شمل الإنسانية.
اليوم يحتفل العالم بالذكرى العشرين على سقوط جدار برلين؛ والعام القادم سيحتفل بالذكرى السادسة عشرة لسقوط نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.
جميعا نحتفل لأن هذين الحدثين علمانا أنه عندما تسقط الحواجز سواء العرقية أو القانونية أو التي نشيدها في قلوبنا تصبح الأرض مستوية وقابلة لزراعة بذور السلام.
في الشرق الأوسط.. نتوق إلى يوم نحتفل فيه بذكرى سقوط جدار الفصل.
وما من طريقة أفضل لإحياء ذكرى هذه المناسبات من جعل مأساة، ذكرى
المفضلات