في ذكرى تفجيرات عمّان.. سمير فاروقة: طرفان مشلولان يذكران بالاعمال الإرهابية
أربعة أعوام ولم يسكت بعد صوت انفجار الغدر في آذانهم، ولم تنتظم عندهم صورة بعثرها جهل متطرف، وكأن وقع الانفجار ما يزال متواصلا في لحظة مرور شريط الذكريات على مقطع هزّ عمان الوادعة الهادئة.
في مثل هذا اليوم من العام 2005، تحول الفرح إلى أحزان كبيرة، في أعقاب تفجيرات إرهابية، لم تستطع استهداف سوى آمنين يشعلون ليل المدينة بالفرح.
المهندس الستيني سمير فاروقة يتذكر آخر مرة كان فيها يمشي على قدميه ليلة زفاف أشرف الأخرس ونادية العلمي. وفي اللحظة التي همّت فيها أخته الشهيدة هالة (والدة نادية) باحتضانه، دوّى الانفجار ليفصل بينهما، وليقع على الأرض فاقدا القدرة على المشي منذ ذلك اليوم.
يقول "كانت ليلة رهيبة"، مستشهدا كيف أنها "ليلة استبدلت التهنئة بالعزاء"، لا بشهيد واحد ولكن بـ57 شهيدا، هم عدد ضحايا التفجيرات الإرهابية.
فاروقة الذي أصيب جراء الانفجار بشلل في طرفيه السفليين، يؤكد أن عدد الشظايا المتبقية في جسده يبلغ عدد سنين ذكرى الكارثة، لكن واحدة منها استقرت في عموده الفقري ألزمته الإقامة الجبرية على كرسي متحرك حدّ من طموحه وإمكاناته.
الأب لثلاثة أبناء، لم تسعفه الكلمات في الاسترسال في وصف الجريمة. يقول "يكفيني بأني أتذكرها كلما أردت التحرك"، مؤكدا أنها تمرّ في ذاكرته "كما لو أنها حصلت الآن"، فهو لا يجد سبيبلا إلى الهروب من الذكرى.
لكن ما يزيد من ألمه هو عدم الاهتمام بوضعه، فبعد أن كان مديرا لأحد المشاريع في وزارة السياحة، اضطرته الإصابة البليغة إلى التقاعد، غير أن حسبته التقاعدية لم تتجاوز 399 دينارا، والتي يؤكد أنها بالكاد "تصرف على تعليم الأولاد في الجامعات والمدارس".
ويضيف فاروقة أن تقاعده لم يأتِ عليه بقلة الدخل وحسب، بل طال أيضا تأمينه الصحي الذي تراجع من الدرجة الأولى، بحكم درجته الوظيفية، إلى الدرجة الثالثة، والذي يضطر إلى تجديده كل ثلاثة أشهر من وزارة الصحة.
ويؤكد أن ظرفه الصحي يحول دون قدرته على الالتزام بتجديده دوريا، وسط تصاعد فاتورته العلاجية التي تتجاوز 100 دينار شهريا.
لكن كل هذا لا يمنع المهندس سمير فاروقة من الحلم بعملية لزراعة خلايا جذعية تمكنه من السير على "عكازتين"، فهو يعلم جيدا أن ما "أخذه التفجير معه من فرحة وحلم لن تعيده عمليات الأرض جميعها".
فاروقة يأمل بالكثير، وهو يطلب من الحكومة أن تلتفت إلى ضحايا تلك الليلة المشؤومة، فما يزال بينهم من لم يحظَ بعد بالرعاية المطلوبة، ما يجعل "إصابتهم إصابتين: الإعاقة والنسيان".
المصدر : الحقيقة الدولية – الغد الاردنية - محمد خير الرواشدة 9.11.2009
المفضلات