في الحديقة عصفور!
في حديقة غناء انهمك الابن الشاب في مطالعة الجريدة بينما رفرف عصفور جميل على شجرة قريبة ، فسأله والده الجالس بجواره على الأريكة ما هذا ؟
في ضيق اضطر لقطع القراءة ليجيب أباه بدهشة ترجمتها زفرة ملل لما رأى أن محل السؤال ... عصفور !
يعيد الأب سؤاله : ما هذا ؟
- لقد أخبرتك يا أبي للتو إنه عصفور !!
حلق العصفور بعيداً ثم هبط مرة أخرى ,,
و تبعه الأب ببصره ليسأل ابنه : ما هذا ؟
- عصفور يا أبي ... عصفور ، ع ص ف و ر !!!
و للمرة الرابعة يتساءل الأب : ما هذا ؟
و هنا انفجر الابن و علا صوته ليرد بحدة :
لماذا تفعل هذا ، لقد أخبرتك عدة مرات أنه عصفور ، لماذا لا تفهم ذلك ؟
قام الأب من مكانه ، و سأله الابن بحدة أشد : إلى أين تذهب ؟
فأشار الأب إليه ليمكث في مكانه ، و دلف إلى بيته ، ثم خرج ممسكاً بيده دفتراً صغيراً و ناوله ابنه الشاب ليقرأ إحدى صفحاته ، و طلب منه القراءة بصوت عال...
"... اليوم ولدي الأكبر ، و الذي بلغ قبل عدة أيام عامه الثالث ، كان يجلس معي في الحديقة ، و عندها حل أمامنا عصفور ، ولدي سألني إحدى و عشرين مرة ما هذا يا أبي ، و أجبته إحدى و عشرين مرة إنه عصفور !
كنت أعانقه في كل مرة يسألني و يعيد عليّ ذات السؤال مرة بعد أخرى ، دون أن يستثير ذلك غضبي ، بل كنت أشعر بالمودة نحو طفلي البريء الصغير ..."
هذه الظاهرة تبعث في نفوسنا الحزن والكآبة حينما نقرأ بين حين وآخر في الجرائد والمجلات وكثيراً ما نسمع أيضاً في الإذاعات والقنوات الفضائية عن ظاهرة عقوق الوالدين والتسلط عليهما بشتى أنواع الهجر والقسوة والاحتقار لهما والتأفف منهما وعدم احترامهما كليهما أو أحدهما وقد نسي هؤلاء العاقون أن الله سبحانه وتعالى فرض برهما وعدم المساس بهما بأي نوع من أنواع العقوق قال تعالى في محكم كتابه الكريم: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُف وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23)وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24)}الإسراء 23-24، ومما جاء في السنة المطهرة الحديث الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ العمل أحب إلى اللّه؟ قال: ( الصلاة على وقتها. قلت: ثم أيَّ؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أيَّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله). رواه البخاري ومسلم في صحيحهما فبر الوالدين والإحسان إليهما بعد عبادة الله مباشرة لبيان حقهما العظيم. وقد روى الإمام البخاري رحمه الله في الأدب المفرد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح إليهما محتسباً إلا فتح الله بابين من الجنة، وإن كان واحداً فواحداً وإن أغضب أحدهما لم يرض عنه حتى يرضى عنه قبل وإن ظلماه قال وإن ظلماه فبر الوالدين فريضة وواجب ملزم وعقوقهما محرم وذنب عظيم).
منقول
المفضلات