بقلم تمام ابو صافي
لا نبدو واقعيين إذا أنكرنا أن المشاهد العربي يلتصق أكثر بشاشات التلفزة خلال شهر رمضان عن بقية شهور السنة أمام الزخم الإنتاجي للبرامج والدراما العربية حين تغرق الأخيرة في حال غييوبة لا تستفيق منها إلا في شهر واحد من كل عام.
وإذا نظرنا إلى خريطة البرامج وعقدنا المقارنات لنا أن نتساءل، ما الذي تغير؟ هل تغير الحس التجاري الذي يتحكم في أذواقنا حين ينتج مسلسل عربي لا تحتمل وقائعه أكثر من 10 حلقات ليصبح - تبعًا لفنون المماطلة - 30 حلقة من أجل بيعها خصيصًا لشهر رمضان؟ هل تغيرت كمية الدموع التي تذرف في المسلسلات الخليجية بسبب ودون سبب أو جرعات العنف والصراخ والشر الذي يصدر سنويًّا للمشاهد في رمضان؟ هل تغيرت الدراما البدوية وقصص الثأر والعشق ورومنسية بوادي الشام التي لا تعيشها المرأة إلا في المسلسلات؟ هل اكتفينا من «موضة» برامج الطبخ التي ينفق على إنتاجها مبالغ طائلة تكفي لإقامة عشرات الموائد الرحمانية أمام الفقراء وليس فقط عبر الشاشة لغرض تجاري تحت مظلة تعليم وصفات طبخ جديده تحتاج لمختبر أبحاث وليس مطبخا لتنفيذها.
ومع ذلك تصر قنواتنا على تكرار (الموضة) تماماً كما تصر على مخاطبة البطون قبل العقول؟ ما الذي تغير في منهجية ترسيخ الابتذال سعياً لإضحاك الناس وآخرها حشر أشخاص داخل (مصعد) وإصابتهم بالفزع وتعريض حياتهم للخطر لينتهي المشهد بأن الامر لم يكن سوى (الكاميرا الخفية) وبالتالي يجب أن نضحك؟ هل تغيرت نظرة شاشاتنا العربية لنا كمشاهدين نستحق ان نحظى باحترامها؟ برنامج واحد ربما شكل (صحوة) إعلامية بين زخم التجارة الرمضانية حين قدم الداعية الإسلامي السعودي أحمد الشقيري برنامج (خواطر شاب).
الرجل لم يصنع معجزة بل قدم رسالة إعلامية مضمونها أن السلوك اليومي لا يجب أن ينفصل عن المحافظة على أداء العبادات بأسلوب بسيط وشيق عقد فيه مقارنات ميدانية بين مجتمعاتنا ومجتمع اليابان حين استطاعت الأخيرة أن تصنع نهضتها الشاملة دون أن تتخلى عن هويتها المحلية. في حين تعيش مجتمعاتنا ظاهرة فصل السلوك عن العبادة, ويتناسى الكثير من افراده أن الإسلام أكثر الأديان السماوية التي أتى على تفاصيل السلوك اليومي. تحية من القلب للداعية الشقيري الذي جبر بـ(خواطر عقولنا) في رمضان وكل عام وأنتم بخير.
المصدر
المفضلات