بسم الله الرحمن الرحيم
لقد اصدرت المحكمة العليا الاسرائيلية بالأمس قرارا ً يقضي بعدم قانونية جدار الفصل العنصري الذي يخترق قرية " بلعين" الفلسطينية وقضت بضرورة تعديل مساره بحيث يرتد مسافة 1كم داخل اراضي الضفة، بعيدا عن الخط الأخضر، وقد اتاح هذا للمزاريعين الفلسطينيين من سكان قرية بلعين ان يصلوا لأراضيهم الزراراعية التي كان قد اخترقها الجدار.
وكان رد الحكومة الاسرائيلية انها ستلتزم بالقرار وتنفذه.
وهنا لن اناقش بموضوع وجود الاحتلال من عدمة وضرورة زواله، لأن هذا امر مفترض، لكني سأناقش نقطة ً قانونية اخلاقية حول مدى التزام اسرائيل في تنفيذ القرارات القضائية.
اذا كنتم تذكرون فقد اصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي " وللعلم محكمة العدل الدولية هي أحد الاجهزة التابعة للامم المتحدة وتقدم قرارات استشارية غير ملزمة قانونا ً للقضايا والنزاعات ذات الطابع الدولي،وهي تتكون من 15 عضو هم من اكفىء القضاة الموجودون على سطح الكرة الارضية حيث انها تراعي ضرورة ان يكون القضاة من جميع قارات العالم في تكوينها" فقد اصدرت حكمها حول مدى شرعية وقانونية جدار الفصل العنصري، فقضت بـشبه اجماع على عدم قانونية الجدار ولا شرعيته، وكان قراراها بـ14 ضد 1 ، والعضو الوحيد الذي عارض هو قاض ٍ امريكي؟!
حينها تعالت الاصوات المرحبة وعقدت الندوات والمؤتمرات وحلقات النقاش، ومن بين النقاشات التي عقدت برنامج " نقطة حوار في قناة الـ BBC " الذي خُصص لمناقشة هذه النقطة، وكنت انا رغم ترحيبي بالقرار وفرحتي به كنقطة ٍ قانونية مستحدثة، الا انني كنت من اصحاب النظرة التشاؤمية حول القرار ، وحين سألتني المذيعة في البرنامج عن سبب ذلك اجبتها "انه وان كان من الضروري وجود سلطة قضائية نزيهه تصدر الاحكام، الا ان الأهم من ذلك هو وجود سلطة تنفذ هذا القرار على ارض الواقع، فنحن في النهاية نريد النتائج ولا نريد مجرد كلام نظري على الورق، وحيث ان قرارات محكمة العدل الدولية هي قرارات استشارية غير ملزمة قانونا ً للدول ، واسرائيل اذا كانت اصلا ً لا تلتزم بقرارات مجلس الأمن التي هي بمثابة السيف على أعناق الدول نظرا ً لشدة الزاميتها، فهل تلتزم بقرارا ٍ اشتشاري اخلاقي ؟!!
وبالفعل ، مضى اكثر من ثلاث سنوات على القرار ، ولم تطبق اسرائيل جزءا ً منه، بل انني اتيقن ان القرار الآن هو رهين بضع وريقات وضعت على احد الرفوف في ارشيف المحكمة وقد تعالت حبيبات الغبار عليه حتى شكلت طبقة ً سميكة حجبت عنه الضوء على الورق كما حجبت اسرائيل عنه الضوء على ارض الواقع.
فلاحظوا معي ، كيف ان اسرائيل ضربت بعرض الحائط بقرار يعبر عن ارادة جُلّ سكان العالم، والتزمت بقرار ٍ صادر عن محكمة داخلية تابعة لها !!!! .
مزيج ٌ من معلومات ٍ من الذاكرة، مع خبر ٍ من المذياع.
المفضلات