اتهمت تقارير إعلامية إيرانية عددا من أجهزة الاستخبارات العربية، من بينها مصر، بتقديم المساعدة لعناصر "جند الله" السنية المسلحة، التي تنفذ هجمات ضد القوات الإيرانية.
ونقلت التقارير عن عبد الحميد ريجي، شقيق مالك ريجي، قائد "جند الله"، التي تصفها طهران بأنها "إرهابية"، قوله إن الجماعة مرتبطة بـ"أجهزة تجسس أمريكية وغربية وعربية،" مشيراً إلى تلقي عناصرها تدريبات على يد أحد المصريين بتكليف من أجهزة الاستخبارات في بلده.
وكانت باكستان قد سلمت إيران في يونيو/حزيران 2008 أربعة أشخاص بينهم عبد الحميد ريجي الذي قدم على أنه شقيق زعيم مجموعة "جند الله" عبد المالك ريجي كما ذكر التلفزيون الرسمي انذاك، وهو يقبع في السجن منذ ذلك الحين.
وحسبما ذكرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية شبه الرسمية، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، فإن ريجي قال في مقابلة جرت معه في مدينة زهدان، الواقعة جنوب شرقي البلاد، إن جماعة "جند الله" "تتلقى تدريبات عسكرية، في معسكر يقع في منطقة جبلية قرب الحدود الأفغانية-الباكستانية، على أيدي أحد الأفراد المصريين التابع لجهاز الاستخبارات المصرية".
وقال ريجي: "إن الجماعة تقوم بشراء السلاح من مخلفات الحرب الأفغانية، ويقوم شخص مصري، يدعى حمزة الجوفي، بتدريب كل المجموعات الإرهابية والمتشددة في أفغانستان وباكستان، وكذلك يشرف على تدريب جماعة مالك ريجي أيضا"، مشيرا إلى أن الجوفي "معروف بتفننه وتخصصه في صنع العبوات والمتفجرات".
وزعمت الوكالة الإيرانية نقلا عن ريجي قوله: "إن أبرز صفات هذا المصري عداؤه الشديد للجمهورية الإسلامية، وأنه قام بالتعاون مع ريجي بعدما سمع أن مالك يخوض حربا معها"
وتأتي الاتهامات الجديدة بعد أسابيع قليلة من قيام وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية في الثامن من أغسطس/ آب الجاري باتهام الأردن ومصر والسعودية، بمحاولة الضغط على الحكومة العراقية للتخلي عن إدارة "معسكر أشرف"، الذي يتجمع فيه عناصر من جماعة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، وذلك بعد أيام على وقوع ضحايا خلال محاولة الشرطة العراقية السيطرة على المعسكر.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن ما وصفته بـ"مصدر عراقى مطلع" قوله إن زعيم مجاهدى خلق، مسعود رجوى، كان يحاول لقاء مسئولين فى الحكومة العراقية، وقد توسطت له فى سبيل ذلك شخصيات أمنية وسياسية عريبة.
وبحسب ما نقلته الوكالة، فإن اللواء محمد الذهبى، مدير المخابرات العامة الأردنية السابق، قام قبل إقالته من منصبه نهاية عام 2008 بنقل طلب رجوى إجراء محادثات مع المسئولين العراقيين حول وضع التنظيم فى العراق، وذلك من خلال اتصاله مع مستشار الأمن القومى العراقى موفق الربيعى.
وأضافت الوكالة الإيرانية الرسمية، أن مدير الاستخبارات السعودية، الأمير مقرن بن عبد العزيز کان قد أجرى بدوره اتصالا هاتفيا مع الربيعى حول موضوع معسكر التنظيم وإخراج "مجاهدى خلق" من العراق.
وتابعت الوكالة سيل اتهاماتها، فقالت إن مسئولا أمنيا مصريا قام بعد ذلك أيضاً بالاتصال بموفق الربيعى، وطالبه بعدم اتخاذ أى إجراء ضد "مجاهدى خلق" فى العراق، و"أصر على بقائها فى الأراضى العراقية".
كانت العلاقات بين مصر وإيران شهدت توترا حادا في نهاية العام الماضي بعد انتاج إيران لفيلم "إعدام الفرعون" والذي مثل إساءة بالغة للرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد أن وصفه بالخائن.
ويعرض الفيلم الإيراني على مدار ساعة، شهادات لخبراء سياسيين وأمنيين ويسترجع لقطات من مشهد اغتيال الرئيس المصري الراحل. ويشير الفيلم إلى أن سبب الاغتيال هو توقيع "الرئيس الخائن على اتفاقية كامب ديفيد الحقيرة لتكون مصر هي أول دولة إسلامية تعترف بالكيان الصهيوني".
وشن عدد من الصحف المصرية هجوما على إيران بعد أن وصف الفيلمال إيراني الزعيم المصري الراحل أنور السادات بـ "الخائن"، كما وصف قتلته، خالد الإسلامبولي وعطا طايل وعبد الحميد عبد السلام وحسين عباس بـ "الشهداء".
وقالت هذه الصحف: إن إيران تساند الارهابيين بأساليب مختلفة، ومثل تلك الاهانات المتكررة لاتعبر إلا عن حقد فارسى شيعى واضح فى إيران، وهى تؤكد الأسباب الأكيدة التى تدفع مصر الى عدم إعادة العلاقات مع إيران إذ إن إيران تفسد ما بين المسلمين وتهين رئيسا مؤمنا راحلا ، وتتهمه بالخيانة، وتصف اتفاقية مازلنا موقعين عليها بأنها "حقيرة" ، ولم يكن ذلك الفيلم حدثا استثنائيا بل إنه بعض من حملات إيرانية مستمرة ضد مصر .
وردت وكالات الأنباء الإيرانية الرسمية بهجوم غير مسبوق على الصحافة المصرية قائلة:"إن الحريات في مصر مكبوتة ولا توجد أحزاب سياسية حرة ولا توجد انتخابات رئاسية حرة ولا توجد صحف يمكنها أن تنتقد اداء الحكومة، بينما في إيران يوجد أكثر من 4 آلاف صحيفة ومجلة و240 حزبا ومنظمة سياسية والانتخابات تتم بحرية كاملة لا يمكن مشاهدتها في اي بلد عربي".
وتابعت: "إن إقامة علاقات سياسية بين إيران ومصر والتي تتحدث عنه بعض الأوساط في كلا البلدين أمر بعيد المنال في ظل الحكومة المصرية الحالية، ومن هذا المنطلق فإن الشعب الإيراني غير متلهف لإقامة مثل هذه العلاقات لأنه يدرك مدى هشاشة الوضع ومدى الدكتاتورية الفرعونية التي يعاني منها الشعب المصري وبالتالي لا بصيص أمل في مستقبل العلاقات بين ايران ومصر".
تشكل جماعة "جند الله" إحدى أبرز الجماعات السنية المسلحة المعارضة في إيران، وينتمي معظم عناصرها إلى قومية البلوشية، التي تسكن مناطق إقليم (سيستان ـ بلوشستان) الواقعة جنوب شرقي إيران، على المثلث الحدودي مع أفغانستان وباكستان.
ويقع إقليم بلوشستان في الجنوب الشرقي من ايران، وتبلغ مساحته 181578 كيلومتر مربع. وحسب الاحصائية الرسمية التي اجريت في عام 2003م فإن عدد سكان الاقليم يبلغ 2151568 نسمة غالبيتهم من أهل السنة.
وعلى الرغم من الأهمية الجغرافية والاقتصادية التي يتمتع بها الإقليم، فإنه بقي ومنذ أكثر من مائة عاما تقريبا من أفقر الأقاليم الإيرانية، حيث يلاقي إهمالا متعمدا من قبل الدولة الإيرانية الرسمية التي يمسك الشيعة بمفاصلها، وهو ما دفع بأبنائه الى القيام بالعديد من الانتفاضات ضد الأنظمة والحكومات الإيرانية المتعاقبة، وكانت جميع هذه الانتفاضات تقمع بقوة السلاح مخلفة المزيد من البؤس والشقاء للشعب البلوشي.
ونفذت الجماعة عشرات الهجمات والعمليات ضد جنود الجيش الإيراني وعناصر وحدات الحرس الثوري وقوات الباسيج منذ عام 2005. ووفقا للتلفزيون الحكومي الإيراني فإن 22 مدنيا قتلوا وجرح ستة آخرون، في مارس/آذار عام 2006، عندما فتح مسلحون النار على المارة في طريق بام كيرمان الخارجي جنوب إيران، لتعلن بعد ذلك "جند الله" مسؤوليتها عن الحادث.
وفي مايو/أيار الماضي، قالت السلطات الإيرانية إنها نفذت عقوبة الإعدام بحق ثلاثة أشخاص من "جند الله" اتهموا بالضلوع في تفجير مسجد بمدينة زهدان عاصمة إقليم سيستان وبلوشستان حيث غالبية السكان ينتمون للأقلية السنية.
واتهمت الحكومة الإيرانية الولايات المتحدة بالوقوف وراء الاعتداء، الذي أوقع 25 قتيلاً، في زاهدان، كبرى مدن محافظة سيستان وبلوشستان (جنوب شرق) قرب الحدود مع باكستان وأفغانستان.
وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت طهران عن إعدام 14 محكوما أدينوا بتهمة "تنفيذ هجمات إرهابية واحتجاز رهائن، وبالانتماء إلى هذه "جند الله."
المفضلات