بسم الله الرحمن الرحيم
عروة وثقى لا انفصام لها
من مقدرات هذا البلد الطيب أن يحظى بوحدة شعبين عربيين أصيلين وانخراطهما معاً في بوتقة واحدة في الماضي والحاضر والمستقبل ، لقد أضحت التجربة الاردنية في التآلف والتحابب بين جميع الناس الذين يعيشون على أرض الأردن المباركة مثالاً يحتذى ويشار اليه بالخير والفلاح ، انها عروة وثقى لا انفصام لها تلك التي تجمع بين الاردنيين من شتى المنابت والأصول والتي أثبتت عبر السنين ومحنها الشداد ان الذي يربط بين هذين الشعبين أقوى وأمتن من أن تهزه اضطرابات سياسية أو اقتصادية أو ان تتقاذفه أهواء المتطرفين والمقامرين في بورصة الشعوب والأمم.
يكاد الحديث عن الوحدة الوطنية يجرنا دوماً الى دوامة لا تعرف كيف تخرج منها ، اذ ما تلبث أن تتخطى أزمة أو محنة وطنية ونلتقط أنفاسنا حتى تقوم فئة بنفخ كير الفتنة في المحافل والمناسبات الشعبية ، والذي يظهر جلياً في الأنشطة الرياضية وغيرها.
ان الاستنتاج الحقيقي والوحيد الذي نخرج منه بعد ذلك هو أن الوحدة الوطنية أقوى وأكبر من الخطب والمقالات والتحليلات ، والواقع هو خير دليل على ذلك ، فكل ما قيل ويقال في الوحدة الوطنية سواء كان بحسن نية أو غيرها لم يحرك ولم يؤثر مرة واحدة على عقول الناس الذين لا تنطلي عليهم مثل هذه المحاولات ، فعند كل محك أثبت الاردنيون على اختلاف أصولهم ومنابتهم بأن روابطهم أعظم من أي اختبار ، فعلى طول تاريخهم هم شعب واحد لا فرق بينهما في حضارة وثقافة أو لغة وفلسفة وجود.
يبدو جلياً بأن خير حافظ للوحدة الوطنية في الأردن هو عدم تناولها باستمرار ، أو استخدامها في أحيان كثيرة ، ان اصرارنا على استلال سيف الوحدة الوطنية واشهاره فيه قدر كبير من اللامسؤولية الوطنية ، وتلاعب في أقدار الوطن ، متى سنصل الى اليوم الذي يمكننا أن نتحاور ونختلف من غير أن يتهم بعضنا الآخر بالخيانة ، أو الصيد في مياه عكرة والاتجار بالوحدة الوطنية.
ان أكثر ما ينفع الوحدة الوطنية بعد صفاء النية هو أن لا يفرض الحديث فيها فرضاً ، فما هي إلا أمر واقع وحقيقة يومية في حياتنا كالماء والهواء والغذاء يراها ويحس بها الجميع.
فهل أفسحنا المجال لشجرة الوحدة الوطنية لتنمو وتزداد اخضراراً ورونقاً من غير نعمل فيها أدواتنا بتلقيهما وتشكيلها كما نهوى أفرادا وجماعات ، فانها تظلنا جميعاً وتطعمنا من ثمرها وكلنا شركاء فيها بما في ذلك الأجيال القادمة.
ولنتذكر دوماً قول جلالة المغفور له الحسين ، أبي الأردنيين جميعاً ، «العابث بالوحدة الوطنية عدوي الى يوم الدين» وهو لنا عدو يا سيدي جلالة الحسين ، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته وحفظ الاردن ، وجلالة الملك عبدالله الثاني خير خلف لخير سلف.
عبداللطيف العواملة
المفضلات