أخطاء تاريخية آن تصويبها
أخطاء تاريخية آن تصويبها
--------------------------------------------------------------------------------
من الأخطاء التاريخية التي يتداولها الناس دونما تمحيص أو دراسة أو برهان من علم، وآن تصويبها.
1 ـ منهج البحث العلمي
التوثيق : التمييز بين المصدر، والرأي في مرجع.
إن أول قاعدة يتعلمها طلاب الدراسات العليا قبل الإمساك بالقلم لكتابة رسالة : ((إن كنت ناقلاً فالدقة، وإن كنت مدعياً فالدليل )).
ثم يتعلمون كيف يعودون إلى المصادر، لا المراجع التي نقلت من المصادر، فلا يقبل علمياً أن يذكر مؤلف نصاً من تاريخ الطبري، ويجعل توثيقه نقلاً عن حسن إبراهيم حسن في كتابه (تاريخ الإسلام)، فلا بد من العودة إلى المصدر.
أقول هذا، لكثرة المؤلفين اليوم، الذين يقدمون آراء مضللة، وإن سألتهم : أين توثيق هذا ؟ يقولون : هذا ما ذكره جرجي زيدان، أو ما قاله أحمد لطفي السيد، أو سلامة موسى، أو لويس عوض.. يحتجون بقول لمعاصرين، لتوثيق أمر لا أصل له في تاريخنا قديمه أو حديثه.
وقعت يدي على كتاب طبع ببيروت الشرقية، وهالني ما رأيت، المؤلف يستشهد بآيات من القرآن الكريم، ويقول : أوردت الآية بتصرف، بدل الدقة والضبط، يقول : الآية بتصرف، ويكتب بعد حديث شريف للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، بدل تخريجه وذكر درجة صحته، يكتب في الحاشية : السيد محمد !!
بدأت بهذه النقطة، لنعرف ونتقن اختيار الكتاب الذي نقرأ، أو نحتج به، أو الذي نضعه بين أيدي أبنائنا، وشباب الجيل.
2ـ تقسيم العصور التاريخية
تقسيم لا ينطبق على تاريخنا، ولا على تاريخ آسية وإفريقية.
درج المؤرخون الغربيون على تقسيم العصور التاريخية إلى ثلاثة أقسام :
1ـ العصور القديمة : وتبدأ منذ اختراع الكتابة 3200 ق.م، وحتى سقوط رومة سنة 476م على يد البرابرة.
2ـ العصور الوسطى المظلمة : وتبدأ من سقوط رومة، وتنتهي بسقوط القسطنطينية عام 1453م بيد محمد الفاتح.
3ـ العصور الحديثة : وتبدأ عام 1453م بسقوط القسطنطينية، وهي مستمرة حتى يومنا هذا.
إن تقسيم الأعصر التاريخية تقسيماً جديداً، ضرورة علمية، لينطبق على تاريخ الحضارة بشكل منطقي سليم، وليتعلق بتاريخ الإسلام خاصة، والتقسيم الجديد المقترح هو التالي، إن كانت هناك ضرورة للتقسيم :
1ـ تنتهي الأعصر القديمة بظهور الإسلام، والهجرة هي الحدث البارز في تاريخ الإسلام ومسيرته بل في تاريخ البشرية جمعاء، والتي وافقت 20 تموز (يوليو) 622 ميلادية.
2ـ وتبدأ الأعصر الوسطى المنيرة الحضارية بالهجرة لأنها أبرز من سقوط رومة في أيدي البرابرة سنة 476م، وأشد أثراً في الحضارة الإنسانية.
سقوط رومة واقعة محلية، أو أوربية على الأكثر، بينما ظهور الإسلام وانتشاره كان ذا نتائج حضارية عامة، بعيدة الأثر في آسية وإفريقية وأوربة معاً، أثر وما زال يؤثر في العالم كله.
سقوط رومة قضاء على حضارة شائخة كانت في طريقها إلى الزوال، ولقد كان بالإمكان أن تسقط بكل حدث آخر، يدلنا على ذلك أن ضعف الإمبراطورية الرومانية بدأ منذ أواسط القرن الأول للميلاد، فسقوط رومة كان متوقعاً، ولم يكن دخول الجرمان (البرابرة) إليها هو السبب في سقوطها، ولكن ضعفها المتوالي في أثناء أربعة قرون كاملة، هو الذي جرأ الجرمان على دخولها، وبعد سقوط رومة، غاصت أوربة في ظلام دامس قرونا كثيرة، ثم أخذت تسترد أنفاسها بما عرفته من علوم الحضارة العربية الإسلامية.
أما الإسلام دين التوحيد الخالص، الذي جاء في معجزاته الخالدة، القرآن الكريم (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) [البقرة: 2/256] وجاء فيه (ولقد كرمنا بني آدم [الإسراء:17/70]، فهو حضارة إنسانية جديدة، لم يترك بفتوحاته آسية في وثنيتها، ولا أوربة في أساطيرها، ولا إفريقية في غفوتها وعزلتها، مثلما فعل سقوط رومة بأوربة، بل نقل هذه القارات الثلاث إلى حضارة إنسانية فتية، قوية متماسكة في العقيدة والسياسة والثقافة.
3ـ وتبدأ الأعصر الحديثة بفتح القسطنطينية 1453م.
3ـ السامية واللاسامية
السامية تسمية توارثية، أول من استخدمها المستشرق الألماني النمساوي شلوتسير Schlotzer عام 1781م، ثم تبعه أيخهورن عام 1807م.
في سفر التكوين 9/18و19: ((وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث، وحام هو أبو كنعان، هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح، ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض)).
كلام حوله كلام، هل الطوفان محلي ؟ أم عالمي لكل الأرض ؟
نوح لقومه، ما بين الرافدين، وهذا ثابت تاريخيا في طبقات الأرض وترسباتها.
ثم تطورت هذه التسمية إلى اللاسامية التي وظفت سياسياً واجتماعياً، ويحاكم عليها كل من يفند بحجج دامغة مسيرة اليهود وسلوكهم ونفسيتهم، مع حقدهم على (الغوييم)، الذين هم غير اليهود، الذين لا يستحقون الحياة، لأنهم مجرد أنعام تتحرك لخدمة اليهود (1).
المفضلات