الأردن.. استراحة قبل وقتها للنواب وإعفاء الحكومة من شحنات البرلمان الصيفية والوزراء دخلوا في حالة انعدام الوزن السياسي بسبب تكهنات التغيير
المعنى السياسي لفض الدورة الاستثنائية لمجلس النواب الاردني قبل وقتها المفترض والمحدد لا يمكن عزله عن سياق الحدث والمشهد الوطني العام، فالمسألة لم تعد تقتصر على مظاهر الاستياء من مجلس نيابي لا حدود لانفعالات بعض نخبه وكتله واركانه ولكنها تخص مؤشرات الاداء السياسي الذي تعارض هذه المرة مع توجهات الحكومة في مفاصل تشريعية مهمة.
النواب مارسوا حقهم في الرقابة والرفض والتعديل وهذا نبأ سار للمرجعيات قبل المواطنين لكن الجميع يعرف بأن المؤسسات المرجعية ابلغت اركان اللعبة البرلمانية وعدة مرات ملاحظات الاستياء من بعض المظاهر والنوازع الشخصية في عملية التشريع والموقف. والاهم يعرف جميع النواب ان مسؤولين بارزين في الدولة وليس الحكومة فقط التقوا بممثلي كتلهم في حوار وطني سبق التعامل مع التشريعات الثلاثة المهمة المتعلقة بالمالكين والمستاجرين والضريبة والضمان الاجتماعي.
اما النبأ السيىء بالنسبة للمؤسسات والمواطنين فقد كان جنوح بعض النواب العلني قبل اسابيع لاصدار تشريع انتقامي من المؤسسات الصحافية كلف البلاد الكثير من الوقت والجهد على حساب الحوارات المعمقة التي كان ينبغي ان تخصص لقانوني الضمان الاجتماعي والضريبة العامة.
وهذا الهدر في الوقت خصوصا في دورة استثنائية تحالف مع ضعف جبهة الجاهزية الحكومية ووجود وزراء غير مقنعين وضعف كفاءة وزارة شؤون البرلمان في خلق انطباع مرجعي بان الدورة الاستثنائية فقدت مبررات تواصلها بعد ان تخصص النواب في اهدار الوقت على قضايا ثانوية ودور عدد محدود منهم في التفرغ لتغذية حملات الشائعات التي انتقدتها مفردة ملكية مباشرة.
ولان بقاء الاستثنائية بدون فعالياتها الحقيقية وبعد التأكد من ان الحكومة فشلت في تمرير قانون الضريبة والفرصة غير متاحة لعبور قانون الضمان الاجتماعي يزداد التعقيد وينتج المزيد من الضغوط على وزارة مضغوطة اصلا ويعتبرها البعض آيلة للسقوط واصبح توفيرغطاء للحكومة يخفف عنها شحنات النواب الصيفية استراتيجية سياسية بحد ذاتها حتى لا تنفجر الوزارة من داخلها ولا يدخل الجميع في سياق توتير العلاقة بين السلطتين لان الظرف العام لا يحتمل ذلك.
من هنا حصريا ووفقا لمصادر مطلعة جدا تقرر ان استراحة النواب قبل دورتهم العادية واراحة الحكومة قليلا هو الخيار المنطقي مرحليا لامتصاص حدة التجاذبات العامة ولتوفير مساحة وقت كافية لاعادة دراسة الخيارات، خصوصا في ما يتعلق بباقة التشريعات المهمة جدا التي يحتاج التعامل معها لأجواء تعاون ايجابية وتفهم وتوافق وطني.
وليس سرا في السياق ان الحكومة رحبت بهذا الخيار لكنها لم تصنعه في الواقع ليس لانها خارج سياق القرار ولكن لان احوالها الداخلية متوترة نسبيا وليست في ظل اشاعات التغيير بصدد المجازفة بقرار استراتيجي من اي نوع بعد ان دخلت عمليا وكما يلمح وزراء فيها في منطقة انعدام الوزن السياسي النوعي.
والحكومة بهذا المعنى معنية مرحليا والى ان يتبين الخيط الاسود من الابيض في ما يخص مستقبلها القريب على الطريقة الرمضانية بمعالجة اليومي ومتابعة الملفات العالقة بين يديها، حيث يتكفل القصر الملكي كالعادة في التصرف وبكل المنهجيات المتاحة ازاء الاشكالات التي تنتج عن القصور الحكومي او تعجز الوزارات عن مواجهتها. حصل ذلك عندما زار احد مستشاري القصر بأمر ملكي مواطني قرية الطيبة الجنوبية الذين اعتصموا بسبب قلة المياه، وحصل عندما تم احتواء ازمة عمال الميناء في العقبة واهالي عمان الجنوبية الذين يرفضون الانضمام لبلدية العاصمة بسبب الضرائب والرسوم.
ويحصل في كل لحظة يقوم فيها رجال القصر اما باطفاء الحرائق التي يشعلها التقصير الحكومي او باستشعار الحرائق قبل اندلاعها او باحتواء الازمات وتعبئة الفراغ الحاصل دوما بسبب خيارات وحسابات وغيابات الحكومات.
وتجلى ذلك بوضوح في المرافعة الاتهامية التي تقدم بها الملك عبدلله الثاني شخصيا من صلب المؤسسة الاغلى على القيادة والشعب وهي مرافعة فضحت التقصير وحددت بدقة مظاهر العبث وحذرت في النسخة النهائية صناع التأزيم ومنتجي الشائعات المزاودين، والاهم نصت على اجراءات طولبت بها جميع المؤسسات ويعتقد انها بدأت فعلا تحت عنوان ترتيب البيت الداخلي للمرة الاخيرة والمراجعة بدفع النواب لاستراحة اجبارية حتى يخف التشويش ويستدرك الجميع ويلتحق المعنيون جميعا في حافلة التصدي للشائعات والسلبية.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 11.8.2009
المفضلات