العسكر عندنا يختلفون تماما عن العسكر في اي مكانْ آخر.. ولذلك نحبُّهم ، ونعتزُّ بهم ، ونكتب عنهم الشعر ، فهم هُنا مُحاربون ، وبُناة ، ومعلّمون ، وأطباء ، ومهندسون ، يُساهمون في كل ما يحققه الوطن من انجازات في مختلف مجالات الحياة ، والاهم من ذلك انهم حين يتولون القيام بأي عمل ، يقومون به على أفضل وجه ، ولا يسمحون لانفسهم بالخطأ ، حتى ولو كان في حدوده المقبولة عند غيرهم ، فهم يعتبرون العمل «أيا كان» مهمة قتالية ، لا يقبلون فيها الا «احدى الحُسنيين»: النصر او الشهادة. ولا اريد هُنا ان أقارن بين المشاريع التي يؤديها العسكر ، او يؤديها «المتعهدون» مع الاحترام لقسم كبير منهم ، ولكنني فقط اقول: ان اي مشروع يتولاه العسكر ، حتى ولو كان انشاء مدرسة مثلا يُسلمونه كاملا غير منقوص ، ولا تشوب التنفيذ فيه اي شائبة ، بينما يتغاضى «الآخرون» عن تفصيله هنا ، او تفصيله هناك ، ويقولون للمُستلم بكل استخفاف «مَشّيها،،» ، وهذه الكلمة ليست في قاموس العسكر ابدا ، ولم يستعملها في اي شيء ، ولا مع اي انسان،
وللعسكر «اعني عسكرنا» لغةّ لا تتجاوز معناها ، ولا تزيد مفرداتُها عما هو مطلوب ، إذا ما اراد قائدّ او مسؤول اصدارَ أمرْ لمجموعته ، يقول لهم باختصار شديد ما يشبه الآتي «على سبيل المثال»:
1 - احفر خندقا
2 - في المكان الفلاني
3 - طوله كذا
4 - عرضه كذا
5 - نَفْذ الامر خلال ساعة او يوم.
وتنتهي الحكاية ، ولا ضرورة لاعادة التذكير ، او المراجعة ، ولا مجال عندهم لاي خطأ،
اما عند «المدنيين» فلا بد ان يكون هناك موضوع «انشاء» ، مقدمة طويلة ، وشرح تفصيلي ، وتفاصيل ، وهوامش ، وحواشي.. وفي النهاية لا تفهم من الكتاب شيئا ، لانك تضيع في دهاليز اللغة ، وتحسبُ ان ذلك الكتاب قصيدة ، او قصة او ربما يكون رواية ، او اي شيء آخر ، لا علاقة له بما هو مطلوب ، واذا فُهم يا عيني على التنفيذ ، الذي يمتدُّ ، ويمتدّ ، ويظل يمتد حتى تقوم الساعة ، وتكون النتيجة انك تسمع ألف تصريح صحفي حوله ، قبل الانجاز ، واثناءه ، وبعده ، ثم لا يتحقق شيء،
العسكر واضحون كل الوضوح ، لا يحتمل كلامُهم التأويل ، وجوابُهم على اي سؤال يُطرحُ: نعم او لا ، ولا داعي للشرح ، والاطالة ، والتسويف،
هؤلاء العسكر «اعني عسكرنا» هم عمود البيت وأساسُه المتين ، وصمام امانه وأمنًه ، ونحن في هذا الصباح الاردني الجميل نحييهم جميعا: «شهداء ومنتظرين» في كل مواقعهم التي تزهو بهم ، سواءّ أكانت ميادين ، او مدارس ، او مستشفيات ، او اي مكان يؤدون فيه واجبهم المُقَّدس ، فكل تلك الأمكنة مباركةّ من اللهً ومن اهلهم المحبين ، وهي كُلها ساحات جهاد ، ورجولة وشرف..
وحيا اللهُ دائما جيشنا العربي.
الكاتب والشاعر : حيدر محمود
المفضلات