بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
بيان مدح النبي صلى الله عليه وسلم
اعلم أخي المسلم:
أن مدح الرسول صلى الله عليه وسلم فرادى وجماعة قربة إلى الله تعالى وعمل مقبول، ليس بدعة سيئة كما تقول الوهابية، ولا ينكره إلا بدعي جاهل، فقد ثبت مدح الرسول جماعة في حديثين صحيحين أحدهما: حديث رواه الإمام أحمد وابن حبان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون محمد عبد صالح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقولون قالوا يقولون محمد عبد صالح.
والآخر رواه النسائي في السنن الكبرى من حديث أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنه قالت:
دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحبين أن تنظري إليهم؟
فقلت: نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه فأسندت وجهي إلى خده قالت: ومن قولهم يومئذ: أبا القاسم طيبا، فقال رسول الله: حسبك. فقلت: يا رسول الله، لا تعجل. فقام لي ثم قال: حسبك. قلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت: ومالي حب النظر إليهم ولكن أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه. اهـ صححه الحافظ ابن القطان في كتاب النظر
فالرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم ولم ينكر جمعهم بين رقصهم ومدحه، وقد قال علماء اللغة: الزفن الرقص أي الذي ليس فيه تثن وتكسر. ومدح الرسول عبادة.
وأما المدح فرادى فمن ذلك ما رواه البيهقي والحاكم والطبراني وغيرهم أن العباس بن عبدالمطلب عم نبينا قال: يا رسول الله، إني أريد أن أمتدحك فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: [قل، لا يفضض الله فاك] فقال العباس:
من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد ألجم نسرا وأهله الغرق
تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق
وأنت لما ولدت أشرقت الأر ض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النـ ـور وسبل الرشاد نخترق
قال الحافظ ابن حجر في الأمالي: حديث حسن.
وفي صحيح البخاري عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِي طَالِبٍ:
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ اهـ
وروى البيهقي والحاكم وغيرهما أن كعب بن زهير قدم المدينة بعد رجوع النبي صلى اللّه عليه وسلم من فتح مكة وأسلم أمامه وأنشد قصيدته المعروفة التي أولها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول وقال فيها:
أنبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
فقد أتيت رسول الله معتذرا ,والعذر عند رسول الله مقبول
وفيها:
إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول
قال ابن كثير في البداية والنهاية:
وذكر أبو عمر بن عبد البر في كتاب (الاستيعاب) أن كعباً لما انتهى إلى قوله:
إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول
نبئتُ أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
قال: فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من معه أن اسمعوا.
وقد ذكر ذلك قبله موسى بن عقبة في مغازيه، ولله الحمد والمنة.
قلت: ورد في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه بردته حين أنشده القصيدة، وقد نظر ذلك الصرصري في بعض مدائحه. وهكذا ذكر ذلك الحافظ أبو الحسن بن الأثير في (الغابة)، قال: وهي البردة التي عند الخلفاء. اهـ كلام ابن كثير.
المفضلات