فـي شيء من اللغــة
د. كامل جميل ولويل
[color="rgb(255, 0, 255)"]دقائق معنوية فـي سورة محمد (أ)
ان دقائق اللغة العربية المتعلقة باللفظ والاسلوب والتركيب مذهلة، بل مذهلة جدا، وهي توعز لك بالاصطبار وادراك المعاني الكثيرة المذهلة، ان هذه الدقائق ليست محصورة بلفظ او بعض لفظ او اسلوب او بعض اسلوب، انها في كتاب الله شاملة عامة تكاد تغطي كل آية في كل سورة، لقد كتبت في وريقات سابقة شيئا من سورة يوسف، وتبين لي حينها ان هذا التأثير البالغ في سورة يوسف ناشئ عن هذه الدقائق اللينة التي تبلغ في داخل النفس الى نقطة تأثير بالغة، فلا يحب القارئ ان يفارق تلاوتها، وانتقلت بي الدراسة لأتوقف في سورة محمد عند عدة آيات كريمة كما سترى.
قال تعالى: ''الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله اضل اعمالهم'' اشتهرت كلمة كفر بأنها للجحود والاعراض، ولها كلمة قرينة لها ولا تبعد عنها في الحروف شيئا، ولم يزد عليها من الحركات الا حركة واحدة ومن الحروف الا حرف واحد، (كفر) تحولت الى (كفر)، الذي كفر مغضوب عليه ملقى في النار، الذي كفر عنه، نقله الى العلو ورضي عنه وادخله الجنة، وكفر تعني اخفى البذور في التربة، وكفر عنه ازال الغطاء بالمغفرة والرحمة.
ما اللفظ والتركيب الذي يتناول الشهداء؟ قال سبحانه ''سيهديهم ويصلح بالهم'' كيف يهدى من استشهد؟ ان الانسان الضال يحتاج للهداية، والانسان القلق يحتاج الى الطمأنينة، لكن الشهيد الذي فقد اتصاله بالحياة كلها وانتقل الى عالم البرزخ، ومن ثم سينتقل الى الحساب واليوم الآخر، هذا الشهيد لا علاقة له الآن بأي عمل من اعمال الدنيا، ومع كل هذا يقول جل وعلا ''والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل اعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم''!، هذا الموقف من هذه الدقائق اللغوية، ففيه اللفظ والتركيب والاسلوب، لم يأت القرآن كصفحة جريدة او مجلة، تتسلى بها، وتعرف شيئا عما فيها، ثم ينتهي الأمر،. ان لكل عصر ومصر خصوصية لفهم الاشياء، وفسحة ليبحث اهل ذلك العصر او المصر في هذا الكتاب الكريم ليأخذوا منه شيئا، رأى بعض المفسرين القدامى: ان الله تعالى سيوفقهم الى العمل الصالح ويرشدهم الى الخير ويصلح شأنهم وحالهم، وذكر مفسرون آخرون من القدامى ان الله تعالى سيهديهم الى منازلهم في الجنة، ولنا الآن ان نقول شيئا آخر، وفي كل خير، والقرآن يستوعب ذلك كله، واني بصدد البحث وسأشير الى ادراك هذه الدقائق في بحث آخر ولعل من يقرأ يستطع ان يقدم شيئا.
[/color]
المفضلات