في ظل الفضاء الالكتروني ودوره في حياتنا، ومع وجود الساحة المفتوحة أمام الجميع لتبادل الآراء ووجهات النظر وباستخدام الأسماء الوهميّة.. ظهر العنف الالكتروني، هناك من يعتبر العنف الالكتروني(العنف التقني) مشكلة العصر وهناك من يستخف بهذه المشكلة ولم يشعر بتأثيرها السلبي على حياتنا.
لن أتحدث عن العنف الالكتروني بالمفهوم التقليدي، عنف الألعاب الالكترونية على الصغار والكبار وتأثيرها على سلوكياتهم وطريقة كلامهم ، ولا عن التلفاز هذا الجهاز الذي أحكم قبضته على الأسر بأفلام العنف التي تعلم الأطفال العدوانية والأفلام التي تجسّد المفاهيم الخاطئة أخلاقيا ومجتمعيا ... كل هذه الأمور استوعبناها وحفظناها عن ظهر قلب، بل سأتحدث عن نوع ومظهر جديد من مظاهر العنف الالكتروني.
للتعرف على هذا النوع، نسأل: ما مساحة الشر التي يمكن أن يمارسها الإنسان إن ضمن عدم كشف هويته؟! كم من الألفاظ السيئة سيتلفظ بها الإنسان لو استخدم اسمـــًا مستعارًا؟! وهنا يأتي هذا المظهر الجديد للعنف الالكتروني والذي نراه كل يوم من تعليقات للقراء على مواقع الصحف الالكترونية ، واستخدام كاميرات الموبايل، البلوتوث ، التسجيلات الصوتية بالإضافة لاختراق الخصوصيات عبر الانترنت أو البريد الالكتروني وسرقة المتعلقات الشخصية، حيث أصبح استخدام هذه التقنيات مصدرا غزيرا للانتقام، للابتزاز، أو ربما للتسلية على حساب الآخرين، فكم من فتيات تعرضن للابتزاز نتيجة لسرقة صورهن من بريدهن الالكتروني.
ويقول خالد حسن آل سليم الأخصائي الاجتماعي بمديرية الشؤون الصحية بالسعودية : بأن العنف الالكتروني أصبح من سمات العصر الحديث، وهو يكثر في مجتمعاتنا بشكل خاص، لأنها تتصف بثقافة وعادات وتقاليد تميزها، قد تمثل في أحد جوانبها عاملا مساعدا ورئيسيا للعنف الإلكتروني،ويلفت النظر إلى أن الأنثى في مجتمعاتنا أصبحت تستخدم الإنترنت ومختلف أنواع الاتصال ، الأمر الذي يجعلها فريسة سهلة لمن تُسوّل له نفسه القيام بعمل ينافي الدين والأخلاق، ويشير إلى تنوع التهديدات بإخبار الأهل أو الزوج، بما يسيء إلى المرأة، أو التهديد بالفضيحة ونشر وتوزيع الصور، أو التسجيلات الصوتية، وتسجيلات الفيديو، التي تستغل من بعض ضعفاء النفوس في الإيقاع بالنساء، ويحذر من أن الشخص المستهتر المبتز يتنكر في صورة إنسان يملك ثقافة، وهو محاور جيد في مجالات الإنترنت، بحيث يتمكن من التعرف على الضحية عن طريق الإيميل أو الماسنجر، ويستطيع بطريقة أو بأخرى أخذ ما يثبت هذا التعارف ويدين الضحية، ومن ثم يتم الضغط عليها، بالتهديد بنشر صورها، أو إيصالها لأحد أقاربها، عندما لا ترضخ لمطالبه.
وأخيرا ان أردتم مشاهدة مظهر من مظاهر العنف الالكتروني فما عليكم سوى الاطلاع على تعليقات القراء للأخبار المنشورة على صفحات الصحف الالكترونية والتي لا تمت بصلة للأخبار المنشورة على تلك الصفحات، ولا أنكر بأن عددًا كبيرًا من التعليقات متناسب مع الخبر المنشور مما يدل على وعي المجتمع وتقديره للأمور،والسؤال لما لا يكون الكل بمثل هذا الوعي؟! لا أدري هل خطر ببال أصحاب الانجازات والابتكارات العلمية بأنه يوما ما ستستغل هذه الابتكارات على نحو سيء وتصبح أداة لجرائم عنف تتعارض مع القيم الإنسانية.
المفضلات