علاقــة الأغذيــة بالأدويــة
إستشارية التغذية الطبية والعلاجية سواء أكانت بوصفة طبية، أو بدون وصفة طبية، فالعديد منا يتناول الأدوية، منها المسكنات أو أدوية الحساسية، أو من أجل التحكم في ضغط الدم، أو علاج إضطرابات الغدة الدرقية، أو التحكم في ضبط السكر في الدم.
وحقيقة الأمر بأن مأمونية وسلامة الأدوية تعتبران من مسؤولية المستهلك (أو من يتناول هذه الأدوية) بالدرجة الأولى، فيجب علينا توخي الحذر عند تناولنا للأدوية مع مراعاة السؤال والإفدام على معرفة نتائج تناول هذه الأدوية، أو حتى آلية عملها ومضاعفاتها.
ولا بد من أن يستغرب البعض عن وجود علاقة بين ما نتناوله من غذاء وما نتناوله من دواء، فلعل تناول الأدوية قد لا يبدو وكأنه مسألة تغذوية بحد ذاتها، إلا أنه عندما تؤخذ الأغذية والأدوية معا، فهي غالبا ما تتفاعل. وهذا ليس غريبا إذ تختلف كيمياء المعدة والأمعاء قبل وبعد عدة ساعات من تناول أية أطعمة فالمواد الغذائية وما تفرزه أجسامنا من مواد وأنزيمات يمكن أن يؤثر على كفاءة إمتصاص بعض الأدوية من خلال تحسين إمتصاصها أو إعاقة إمتصاصها. وهنالك بعض الأدوية التي تؤثر على الشهية وتغير منها، أو تغير من حاسة التذوق، أو حاسة الشم، ويمكن أن تتسبب في تقرحات الفم أو جفاف الفم ، مما يجعل من الصعب علينا بلع الطعام بصورة مناسبة. وتصبح عملية إدراكنا لهذه الآثار من الأدوية ضرورية حتى يتم تنظيم البرنامج الغذائي المناسب مع حالتنا الصحية. وهنالك بعض الأدوية الأخرى التي تتسبب في الغثيان أو تهيج جهازنا الهضمي، كما ويمكن أن تؤثر بعض الأدوية على كفاءة إمتصاص العناصر الغذائية كالفيتامينات والمعادن ومدى إستفادة جسمنا منها.
فمثلا، هنالك بعض الأدوية التي تحتاج أن نتناولها على معدة فارغة ''أو بالعامية على معدة فاضية،'' أي أنه يتوجب تناولها قبل الطعام بساعة، أو بعد الطعام بثلاثة ساعات، وذلك لأن الطعام قد يتسبب في إبطاء الإمتصاص وإبطاء مفعول الدواء، وهذا غالبا ما يكون الحال عند تناول بعض المضادات الحيوية. فإذا كنت ممن يتناولون أي مضاد حيوي، الرجاء مراعاة قراءة النشرة الداخلية أو إستشارة الطبيب والأخصائي أو اختصاصي التغذية عن كيفية تناول الدواء، فالسؤال مش عيب، والمبادرة خير من أي مكروه قد نصاب به نظير تناولنا الخاطيء للأدوية، أو عدم مراعاتنا لتداخلات مثل هذه الأدوية مع ما نتناوله من طعام.
وهنالك بعض الأدوية والأغذية التي لا يجوز تناولها معا، وإنما يتوجب تناولها في غضون عدة ساعات من بعضها البعض، ويجب مراعاة ذلك بعكس ما يتم تداوله في حديثنا: ''هذا ما بأثر، مش مشكلة!'' أو ''لازم تاكل شي مع الدواء، ما بصير هيك!'' فمثلا تتسبب العصائر (بم فيها عصير الجريبفروت) والأغذية عالية الحوضة في تدمير إحدى أنواع البنيسيلين، فلا فائدة إذا من الدواء المتناول إذا تم شرب العصير معه. كما أن الأغذية عالية الكالسيوم أو حتى مكملات الكالسيوم الغذائية قد ترتبط مع دواء التتراسايكلين ولا تجعله متوفر لجسم الإنسان، وإنما يمر دواء التتراسايكلين عبر الجسم من دون إمتصاص أو حتى إستفادة. لذلك يجب مراعاة الإرشادات الصحية للأدوية والسؤال عنها إذا لزم الأمر.
وهنالك بعض الأدوية التي يتوجب تناولها مع الكثير من الماء، مثل الأدوية المخفضة للكولسترول من أجل رفع كفاءة إمتصاص الأدوية. وهنالك بعض الأدوية التي لا يجب أن نتناولها مع المشروبات الكحولية لأن الكحول يمنع من تأثير بعض الأدوية على الجسم، ويمكن أن يضخم الآثار المحتملة للمواد الضارة في الأدوية. وللأدوية مفعول على الكحول أيضا إذ يمكن للأدوية أن تكثف من أثار الكحول على الجسم.
أما بالنسبة لعلاقة الأدوية بإمتصاص العناصر الغذائية، فيجدر بي التنويه إلى أن هنالك بعض التداخلات المحتملة بين ما نتناوله من دواء وغذاء إذ تؤثر بعض الأدوية على إمتصاصنا لبعض العناصر الغذائية، فمثلا تتسبب بعض أدوية علاج السرطان (مثل الميثوتراكسيت) في نقص الفولات إذ يمكن أن ينصح بتناول حمض الفوليك كمكمل غذائي لمن يتناول هذا الدواء عند المعالجة.
ومن ناحية أخرى، يجب توخي الحذر مما يتم تناوله من غذاء مع بعض الأدوية إذ يشيع لدينا مثلا تناول أقراص الثوم أو حبوب الثوم، مع العلم بأن هنالك مواد في الثوم قد تتسبب في تقليل كثافة الدم، فإذا كنت تتناول الأسبيرين مع حبوب الثوم، فهذا قد يتسبب في تقليل كثافة الدم أكثر من اللازم ويزيد من فرصة نزيف الدم. ومن أمثلة الأدوية الأخرى التي تقلل من كثافة الدم أو تمنع تجلط الدم هو مادة الوارفارين (مثل الكومادين) إذ ينصح بتناول كميات معتدلة من فيتامين كي مع هذه الأدوية. ويجب التنويه إلى توخي الحذر عند تناول أدوية لمنع تجلط الدم لأن فيتامين كي يؤثر على عمل مثل هذه الأدوية، فالكميات الكبيرة من فيتامين كي قد تتسبب في زيادة فرصة النزيف وعدم تجلط الدم بشكل أسرع. ومن المصادر الغذائية لفيتامين كي: الخضار الورقية الخضراء، مثل السبانخ والبروكولي والملفوف، والزهرة أو القرنبيط، والبامية، وبعض الفواكه كالفراولة والكيوي والعنب الأسود، وبنسبة أقل في كل من البيض، والحليب، ورقائق الشوفان، وبعض المكسرات.
ويجدر بنا السؤال ما هو هدفنا بالحقيقة من معرفتنا لعلاقة الأدوية التي نتناولها بغذائنا اليومي؟ فالهدف هو فعلا الحصول على الفوائد الكاملة من كل من الغذاء والدواء على حد سواء، وبقدر ما يتناسب وحالنتا الصحية وعمرنا. ومن أجل تحقيق ذلك، فيجب علينا أن نتناول جميع الأدوية، بما فيها الأسبيرين، وفقا لتوجيهات الطبيب والإختصاصيين وما تورده لنا نشرة الأدوية. فهنالك بعض الأدوية التي ينبغي اتخاذها مع وجبات الطعام، أي مع الغذاء، لأن الغذاء يقلل من فرصة إضطراب أو إلتهاب المعدة نتيجة الدواء. ومن الأمثلة على مثل هذه الأدوية هو الأسبيرين، والمسكنات مثل الأيبوبروفين. وكيف لنا أن نعرف كيف نتناول أدويتنا مع الوجبة أو على معدة فارغة؟ فينصح إذن بقراءة التعليمات على علية الدواء أو النشرة الداخلية له مع مراعاة إستشارة الطبيب أو الأخضائي بذلك، خاصة إذا كنت تتناول العديد من الأدوية معا.
المفضلات