القرآن والروح
لماذا سُمي القرآن الكريم بهذا الاسم أي (القرآن)، ان الاجابة بسيطة وميسرة، وهي: لأننا كمسلمين نقرؤه كثيراً قراءة تعبد ولكل حرف منه حسنة، ويقرؤه غير المسلمين ليعرفوا الى أي شيء يدعو هذا الكتاب الذي ملأ الارض، ومدى الصدق فيه، وعلاقته بالكتب السماوية السابقة، ولعلهم بعد ذلك يحددون موقفاً لهم، واني اجد في الآية الكريمة التالية سبباً يجذبني جذباً شديداً لمعرفة هذا الاسم وما هي دلالته، قال سبحانه وتعالى: ''وكذلك اوحينا اليك روحاً من امرنا'' وهذا اسم نادر للقرآن، فهو روح، فلماذا هذا الاسم، وما الذي نستطيع ان نستوعبه من تسمية القرآن الكريم بهذه الكلمة (الروح)، وماذا نضيف الى اسماء كتاب الله وهي: الفرقان، والكتاب، والذِكر، وهي اسماء معروفة ودلالتها واضحة؟.
لقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح، ما هي؟ ما لونها؟ ما شكلها؟ ما اثرها؟ فقال سبحانه رداً على هذا السؤال: ''يسألونك عن الروح، قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلاً''، كانوا يسألون عن الروح في الجسم البشري، لكن (الروح) للقرآن الكريم شيء مختلف جداً، وسنجيب عن ذلك، وما قولنا الا جهد مما ييسره المولى لنا ولغيرنا، نقول: ان الروح في الجسم او في الكتاب هي الروح، انها اسرار غامضة لا يحيط بها البشر، ومهما بذلوا من جهد ومهما اوتوا من عقل وفكر، فان الاحاطة بهذا الكتاب غير ممكنة، فخذ من كتاب الله ما تستطيع ان تأخذ، وغذ نفسك بما تقدر ان تغذيها منه، فستجد انك امام علم ادركت منه قليله وفاتك كثيره، ونِعْمَ العبد الطيب الكريم مالك بن دينار وهو يبذل جهداً ليعرف دلالة هذا اللفظ (الروح) قال: سمي الروح لأن فيه حياة النفس، يا اهل القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم، فان القرآن ربيع القلوب كما أن الغيث ربيع الأرض''.
ان عدم الاحاطة بفكر القرآن، وعدم الاحاطة بأثاره النفسية، وعدم الاحاطة بمعارفه الخلفية والخلقية والاجتماعية والمجتمعية، ان عدم القدرة، او قل ان العجز المطبق يضعك في زاوية ضيقة جداً، سورة الكوثر ثلاث آيات فقط، ولكن سورة البقرة مئتان وست وثمانون آية، كلاهما معجز، لا يستطيع احد ان يأتي بسورة من هذا الكتاب لا من الكبير ولا من الصغير، فتذكر اذاً قوله تعالى: ''انا اوحينا اليك روحاً من امرنا'' فلن يحيط بفكره احد، ولن يستطيع ان يأتي بسورة منه احد، وتذكر الروح التي تثير الحياة ''قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلاً''.
المفضلات