في زيارتك الأخيرة , وحين بدأت أحتسي قهوتي أمام شرفة عينيك , لأطل منها على منابع الجمال , وأصطاد منها نبض الشوق وبوح الحنان, غرقت في بحورها الخضراء , وتهت في صبابتها حد الخيال , وعشقت اللون الأخضر لتبدو لي السماء بزرقتها خضراء ... !! .
في زيارتك الأخيرة , وعندما جلست على ذاك الكرسي الخشبي , سمعت له أنين , حسبته يتراقص فرحاً , رأيته يرتعد خشية أن لا يقوى على حمل ما فيك من لؤلؤ ومرجان , رأيته لأول مرة يفتخر بأنه كرسي ويسخر لأني انسان ... !! .
في زيارتك الأخيرة , وحين تلوت لي بعض شِعرك , غفلت عن القوافي والأبيات , وسرحت في شَعرك , شلال يهوي في جوف قلبي فيغرقه أكثر , ويسحقه أكثر , ويغسله من عشق سواك أكثر , لينضح بك حد الطوفان ... !! .
في زيارتك الأخيرة , وعندما جلست تصغين لصمتي , رأيت وجهك ليس كوجوه البشر , رأيت شيء فيه يفقتده كل البشر , وجهك الذي تطلين به علي دون سائر البشر , كيف لا وأنا من رسم ملامحه في خيالي ليبدو أروع وجه لبشر ... !! .
*
*
*
مابالك ... أدرك أني لا أعرف وجهك ولا لون عينيك ولا تسريحة شعرك فلا تكوني ساذجة ,
كيف أعرف ملامحك ولم ترك عيناي , جميلة كنت أم لم تكوني , لست أبحث عن جمال الشكل فيك ,
هكذا رأيتك دائماً رسم في خيالي , لا يبصر النور إلا في قلبي ,
وجه بلا ملامح , وما نفع الملامح إن كانت ستزيد في حرقة الذكرى ,
يكفيني أن أعرف اسمك , ومنه أرسمك بأدق التفاصيل ,
فخيالي لن يبخل برسمك على أروع وأنقى شكل ,
وأطهر وأجمل وأنصع شكل ,
ولأنه يبالغ في رسم من يهوى ,
ولأني أعجب برسمه لمن أهوى ,
فلن أسمح لك بمحي رسومه ,
بأن لا أسمح لنفسي أن أراك ... !! .
المفضلات