ابواب امتحانات شهادة الدراسة الثانويّة العامة، تجذبنا أطراف الحديث بين الحين والآخر عن الذكريات المتفاوتة؛ السعيدة والمؤلمة، التي ترافق تلك الأيام، لكنّ أصعب الذكريات على الإطلاق هي الامتحانات، وأجواؤها المشحونة، وما يرافقها من أساليب في قنص الإجابات من ورقات الغير، أو عبر قصاصة ورق نحضّرها مسبقاً، قد يخدمنا الحظّ باحتوائها على الإجابة الصحيحة، وقد يخدمنا مرّة أخرى بتغاضي المراقب عن رؤيته لنا تارة أو أكثر.
هذه هي أساليب الغشّ التي عرفناها؛ بسيطة ومكشوفة، ومن السهولة بمكان اكتشافها؛ لكنّ الكثيرين من الطلبة هذه الأيام يروون قصصاً عن أساليب يستخدمونها، تدخل فيها التكنولوجيا، ويعمل فيها العقل بشكل حرفيّ، وتُبتكر فيها مغامرات قد لا تخطر على بال أحدٍ منّا. هذا ما رواه البعض ممن اجتازوا امتحان الثانويّة العامّة في الأعوام الماضية.
أولى الأساليب التي تحدّث عنها الشاب (محمّد) وهو طالب جامعيّ، قد لا يبدو غريباً علينا، فقد سمعنا بضبط حالات مشابهة له، فهو أقدم على استخدام سمّاعة (بلوتوث)؛ لسماع الإجابة من شقيقه الذي يحصل عليها من الكتاب، بعد أن يُرسل له (محمّد) السؤال عبر رسالة SMS، لكنّ الأطرف من ذلك أنّ (محمّد) كان يرتدي دشداشاً، وشماغاً؛ ليخفي به سمّاعة (البلوتوث) عن المراقبين. ويؤكّد (محمّد) أنّه استطاع أن ينجح في أربعة امتحانات بالطريقة ذاتها، في حين تمّ ضبطه في آخر يوم من الامتحانات، لكنّ مدير قاعة الامتحان أراد أن يكون ختامها مسك معه ، فلم يتّخذ عقوبة بحقّه، فنجح ودخل الجامعة.
حالة أخرى، تمّ ضبطها خلال انعقاد امتحانات الدورة الشتويّة لهذا العام، استخدمت فيها سمّاعة لا سلكيّة صغيرة، أو ما يمكن تسميته بـ (لاقط لحمي) بحجم حبّة العدس، وتقدّر كلفته بـ 500 دينار، يُوضع داخل الأذن، ويحمل لوناً قريباً من لون الجلد البشريّ؛ لتصعب رؤيته، لكن المراقب في القاعة استطاع، عبر دقّة ملاحظته، أن يضبطه خلال تجواله بين الطلبة الممتحنين في أُذن أحدهم، بعدما سمع همساً قريباً منه، فقام بتفتيش الطالب، ووجد هذا اللاقط وقد ثُبِّت في أذنه.
طريقة غريبة أخرى استُخدِمت للغش في امتحانات الثانويّة العامة، يرويها أحد الطلبة بعد أن استخدمها، وأثبتت نجاعتها في كثير من المرّات، لكنّها تتأثّر بطبيعة مبنى المدرسة، وقرب القاعة التي يُعقد فيها الامتحان من السور الخارجي، وجلوس الطالب إلى جانب النافذة، وهي تحتاج إلى الخفّة والمهارة والمغامرة في الوقت ذاته، إذ يقول الطالب الذي رفض ذكر اسمه: ''عندما تقدّمت لامتحانات الثانويّة العامة، وجدت نفسي في قاعة قريبة من السور الخارجي للمدرسة، وأسعفني الحظ بوجود مقعدي إلى جانب النافذة، ففكّرت بتنفيذ طريقة كان قد اقتراحها عليّ بعض أصحاب الخبرة السابقة في الغشّ، بحيث أقوم في ربع الساعة الأولى بنسخ أسئلة الامتحان على ورقة خارجيّة، أخفيها داخل دفتر الإجابة عند انشغال المراقبين بتوزيع أسئلة الامتحان، وأتظاهر بأنّي بدأت الحلّ، وبعد انتهائي من كتابة جميع الأسئلة، أقوم بطي الورقة، أو (فركشتها) ومن أوّل فرصة متاحة أقوم برميها من النافذة، فيقوم شقيقي المرابط خلف السور بالتقاطها، وحلّ الأسئلة بالرجوع إلى الكتاب، أو من خلال أحد المدرّسين القريبين''. ويضيف: ''بعد أن ينتهي شقيقي من حلّ جميع الأسئلة يقوم بإرسال الإجابات لي عن طريق رسائل الـ SMS، لكنّ منع إدخال الموبايل إلى قاعة الامتحان في آخر الأيّام أدّى إلى رسوبي في مساقين، بعد أن اعتمدت كليّاً على هذه الطريقة''.
طالب آخر، أكّد استخدامه لهذه الطريقة في الغش، لكنّه حصل على الإجابة بطريقة أخرى، إذ أنّ دورات المياه الخاصّة بالمدرسة قريبة من السور الخارجي، ويُسمَح للطلبة باستخدامها، فكان الطالب يرمي الورقة التي يكتب عليها أسئلة الامتحان مع النافذة؛ حيث يتواجد صديق له خلف السور، فيأخذ الورقة، ويقوم بحلّ الأسئلة، ثم يضع له الإجابات على نافذة دورات المياه، فيطلب الطالب من المراقب أن يخرج لقضاء حاجته، وعند دخوله يلتقط ورقة الإجابة من النافذة، ويعود إلى قاعة الامتحان؛ ليبدأ الإجابة. ويقول: ''في أحد الامتحانات لم أكتب سوى اسمي على دفتر الإجابة، وبقيت هكذا طوال الساعة الأولى من الامتحان، وعندما وضع صديقي ورقة الإجابة على النافذة، أبلغني بذلك عن طريق (رنّة) على هاتفي، الذي أخفيته عن المراقبين في ملابسي الداخليّة، عندها طلبت من المراقب الذهاب إلى دورة المياه؛ لقضاء حاجتي، فسمح لي، وأحضرت ورقة الإجابة بعد أن وضعها صديقي على النافذة، وأخفيتها داخل دفتر الإجابة، وبدأت أختلس النظر إليها كلّما حانت الفرصة، وأجبت عن جميع الأسئلة بهذه الطريقة، عندها لاحظ المراقب أنّني بدأت أكتب بسرعة، فمازحني قائلاً: ''شكلو نزل عليك الوحي فجأة''. في حين يؤكّد طالب آخر أنّ تنبيه صديقه له بإتمامه للإجابات ووضعه للورقة على نافذة دورة المياه كان عن طريق إطلاقه للألعاب الناريّة أو المفرقعات، إذ تمّ الاتفاق على هذه الطريقة مسبقاً، ولدى سماع الطالب لصوتها، يطلب الإذن لمغادرة القاعة إلى دورة المياه.
المفضلات