في إحدى القصص الخيالية التي كتبها "ايزاك سيمون " والتي يتخيل فيها أن البشرية قد فقدت القدرة على الحلم .وان البشر ينامون ليلا طويلا مظلما بلا أحلام ,وتدور الأحداث حول البحث عن أطفال لم يفقدوا القدرة على الحلم ثم تصور أحلامهم بطريقة معينة توضع في 'كبسولات' وتباع لمن يرغب في التمتع بهذه الميزة المفقــودة ويضعــها على رأسه قبل أن يـنام ويشاهد الحلم الذي يريـــده .
ورغم خيالية التصور فإنها توضح لنا الأهمية القصوى التي تمثلها لنا عملية الحلم ,فالوعي البشري أشبه بإناء البخار المضغوط وما الأحلام إلا تلك الأبخرة التي تمنع هذا الإناء من الانفجار ,فهي تعبير عن كل عوامل الكبت والإحباط وكل صنوف المخاوف التي يحاول الفرد أن يبقيها في طيــــــات أعماقه .
وكل هذه كلمات قديمة . . ولكن الجديد هنا هو التجارب التي تجرى على الأطفال لتعليمهم كيف يتعاملون مع أحلامهم .إن الأطفال يتألمون ويحسون بالقلق والخوف تماما مثل الكبار ,وهم يعبرون أحيانا عن هذه المخاوف وأحيانا لا يملكون القدرة على ذلك . وهنا تحدث عملية التحول حين تختزن في أعماقهم كل هذه المشاعر ,والمطلوب هو تشجيع هؤلاء الأطفال على مشاركة الآخرين في هذه الأحــــلام . . أي أن على الأب و الأم أن ينصتا باهتمام إلى تفاصيل حلم الأطفال ويحاولا معا العودة إلى جذوره في الحياة الواقعية .وبعض الأطفال لا يجيدون الكلام وربما يستطيعون التعبير بشكل افضل بواسطة الرسم .إن الحيوانات التي تطاردهم في الأحلام يمكن للأبوين أن يجعلا الطفل يراها وهي مروضة أو داخل أحـــــد الأقفاص .أوالخوف من الحريق والسقوط يمكن أن يعالج بواسطة الشرح المبسط وتعويد الطفل على رياضة القفز مثلاً ,والتوقف بشكل قاطع عن الصراخ و كلمات قد تخرج من الوالدين كالطلاق والانفصال ..
إن علينا –في حالة الأطفال- ألا ندع الحلم السيئ يستمر طويلا ,إذا تعرف الطفل على درجة السوء في هذا الحلم فإنه سوف يتمكن من إيقافه ,وهناك تجارب في علم النفس تحاول السيطرة على الأحلام وعلى توجيهها أيضا ،،الصلة بين العقل الواعي والعقل النائم ليست مقطوعة تماما بل بينهما علاقة من الحوار و التبادل الدائمين وإذا لم تكن الأحلام مرضية فإنه ممكن التحكم فيها وتغير النهايات السيئة فيها إلى أخرى جيدة عن طريق الايحاء بكل ما هو جميل على ساحة الشعور ،،
إن هناك أحلام شهيرة تضل تراودنا في مختلف مراحل الحياة ومهما أختلف المكان الذي ننام فيه ,وربما كان أشهرها هو حلم السوط من حالق الذي يقول عنه فرويد إنه إعادة لتجربة الولادة وهبوطنا الى هذا العالم .وهو الحلم الذي يدفعنا غالبا إلى اليقظة والشعور بالخوف .كذلك أحلام السير عاري القدمين أو حتى عاري البدن وهي تدل على قلقنا من أن تنكشف كل أمور حياتنا أمام الآخرين ,وهي تحدث عندما نكون مقبلين على عمل أو مشروع جديد وهكذا دواليك ،،
إن الأحلام بشكل أو بآخر هي مرآة النفوس البشرية قد تكون مزعجة أحيانا أو تظهر فيها الأشياء بشكل واضح و تكون صادقة في أغلب الأحيان لأنها تستمد تفاصيلها من لحظــــــــة الوعي التام الصادق حين تنام كل عوامل الكبت , وينطلق هذا الوعي خارج الإطار كي يعبر عن نفسه ..
المفضلات