هل التربية لمصلحة الطالب أم المجتمع؟
تعتبر التربية الوسيلة التي تؤدي بالفرد إلى الاشتراك الفعلي في نشاط المجتمع وتعده للحياة، وتبدأ عملية التربية مع الطفل منذ ولادته، إذ يتعلم عن طريق البيئة المحيطة به، وخاصة من والديه، أساليب السلوك وقدرا من المعارف والمعلومات، وتمثل كثيرا من القيم والاتجاهات، وينمو الطفل بهذه الوسيلة نموا اجتماعيا وجسميا وعقليا. والمدرسة هي إحدى المؤسسات المسؤولة عن نمو الأطفال نموا يؤهلهم للأعباء التي يتطلبها فهم الحياة والتفاعل معها . وتعتمد التربية في هذا المعنى على نقطتي ارتكاز هما : الفرد من ناحية، والمجتمع الذي يعد له هذا الفرد من الناحية الأخرى . وفلسفة التربية التي لا تهتم بالطبيعة الإنسانية هي فلسفة زائفة، فالطلبة هم محور العمل المدرسي، وكيفما كانت الأهداف أو المناهج فان هذا لن يؤدي إلى شيء ما لم تعتمد كل هذه على فهم حقيقي لحاجات الطالب وميوله ومشكلاته وكيفية تعلمه .
لقد اختلفت فلسفات التربية في نظرتها إلى الطفل، فمنها من ينظر إلى الطفل كعامل سالب في العملية التربوية وذلك لإعداده لحياته المستقبلية التي يحدد أهدافها مجتمع الكبار، ورغم رفض مثل هذه الفلسفة إلا إن الكثير من المعلمين وأولياء الامور لا يزالون يعتقدون بها من خلفية أن الطفل لا يدرك مستقبله .
فلسفة أخرى تعد الفرد العامل الوحيد في العملية التربوية ، لذلك عملت على وضع البرامج التي تهدف إلى إنماء قدراته واستعداداته والتي تلاءم حاجاته ومطالبه، وهذه الفلسفة أيضا غير مقبولة، لان العملية التربوية تشمل كلا من الطفل والمجتمع ، وكلاهما يتكاملان . وهذا يعني أن فلسفة التربية التي تحدد المناهج التعليمية لا بد وان تأخذ بعين الاعتبار المجتمع وأهدافه وظروفه، وفي نفس الوقت الأخذ بعين الاعتبار بالطفل وطبيعته، لقد زاد الاهتمام بالفرد في العصر الحديث نتيجة عدة عوامل منها الفلسفي ومنها السيكولوجي . من الناحية السيكولوجية فان الفهم بطبيعة الفرد، وطبيعة عملية التعلم، يجعل الاهتمام بدوافع الفرد وأهدافه حجرا الزاوية في عملية التعلم . كما أن الفهم يجعلنا ندرك انه لا فائدة من العمليات التربوية ما لم تعتمد على دراسة حقيقية لاستعدادات الفرد وقدراته ، حيث أن الإحباط ينتاب الفرد إذا كلف بأعمال وواجبات أو فرضت عليه ظروف لا تلائم استعداداته .
لذلك يتبين اهمية العناية بالفرد كمحدد للمنهج الدراسي على أساس أن التربية عملية تعديل للسلوك البشري لتحقيق أهداف معينة، أو هي عملية نمو للفرد تهدف إلى زيادة كفايته في التفاعل مع بيئته وفي نفس الوقت الذي تحقق فيه أهداف المجتمع .
وهنالك أسس تؤثر في محتوى وتنظيم المنهج بأهدافه ومواده وأنشطته وهذه الأسس : نفسية، فلسفية واجتماعية . ويصعب الفصل بينها خاصة فيما يتعلق بالفلسفة والثقافة والمجتمع وطبيعة الفرد ، وبهذا يمكن تقسيم هذه الأسس إلى أربعة جوانب هي :
* فلسفة وطبيعة المعرفة .
* المجتمع وثقافته .
* طبيعة الفرد .
* نظرية التعلم العامة .
والمجتمع يؤثر تأثيرا كبيرا بنوعية المناهج التي تعد للمؤسسات التعليمية والتي يقع عليها نقل تراث المجتمع إلى الأجيال الناشئة، فالقيم والأفكار والعادات والتقاليد والأعراف واللغة التي يتميز بها مجتمع ما، هي التي تحاول المناهج المحافظة عليها من خلال ترجمتها إلى أهداف ومحتويات وأنشطة تعليمية وخبرات عملية واقعية.
المفضلات