عمان- لم تخرج قصة الشابة دينا عبد العال، التي لقيت حتفها جراء ما اعتبره تقرير الطب الشرعي النهائي إهمالا طبيا، وهي تنتظر نتيجتها الجامعية، ويوم زفافها الموعود، عن جملة قصص شبيهة بها، بطلها الإهمال أو الخطأ الطبي.
تقرير الطب الشرعي النهائي المخصص للتحقيق بوفاة العروس دينا قال إنها نزفت "لترا ونصف من دمائها دون تشخيص ألمها"، ولم يكتف التقرير بذلك، موضحا أن علاج الشابة "لم يكن بناء على فحوصات مخبرية أو صور أشعة".
وفي الوقت الذي اعتبر فيه التقرير الذي اطلعت "الغد" على مضمونه من قبل مصادر مطلعة وموثوقة أمس أن "عدم تشخيص الحالة الطبية من قبل الكوادر الطبية في مستشفيي البشير والأمير حمزة أدى إلى وفاتها"، بين التقرير الذي قدم إلى اللجنة المكلفة رسميا بالتحقيق في الوفاة ليتسنى لها تقديم تقريرها النهائي أن "خطأ وقع في تقديم الرعاية الصحية المتوقعة للعناية بحالة الشابة دينا صحيا".
ابنة الواحد والعشرين عاما، والتي تقف على بوابات الأمل، بحياة ربما تكون زاهية، وهي تترقب أياما حلوة، راجعت "أكثر من مستشفى، وهي تعاني من نزيف في الأمعاء نتيجة التهاب في الأوعية الدموية في بطانة أمعائها"، وفق تقرير الطب الشرعي.
لم يكتف التقرير بالكشف عن أن دينا "راجعت مستشفى الأمير حمزه بسبب استفراغ وآلام في بطنها" من دون أن يتم إجراء أي فحوص مخبرية للكشف عن نزيفها الدموي، بل أضاف أنه تم إجراء فحوصات مخبرية لدينا في مستشفى البشير، ما دل على وجود ارتفاع في نسبة السكر في الدم والبول، ورغم ذلك "لم يتم تشخيص الحالة الصحية للمريضة".
دينا التي فارقت الحياة، ومضى نحو أسبوعين على رحيلها، ما تزال قضيتها ماثلة في التقارير الطبية، رغم ما أظهره تقرير الطب الشرعي، من قصور طبي في علاجها.
الأمر الذي جعل وزير الصحة الدكتور نايف الفايز يؤكد على أنه "لن يتردد في تحويل المقصرين من كوادره الطبية إلى القضاء النزيه"، لافتا إلى أن مهمة الطبيب تكمن في "التخفيف عن آلام المرضى وليس التلاعب بأرواحهم".
ولم يكتف الفايز بذلك، بل صرح إلى "الغد" بأنه سيدرس التقرير المقدم من اللجنة المكلفة رسميا للوقوف على أسباب وفاة دينا، بالإضافة إلى تقرير الطب الشرعي قبل اتخاذ أية إجراءات قانونية بحق المقصرين.
ودفعت هذه القضية التي تضاف إلى سجل الاخطاء الطبية، إلى أن يشير الوزير إلى إيجاد حلول جذرية في أقسام الإسعاف والطوارئ في المستشفيات الحكومية، بخاصة تلك التي تلقى ضغطا من قبل المراجعين، مما قد يسبب إرباكا للكوادر الطبية في بعض الحالات، مشددا في الوقت نفسه على أن ذلك لا يعفي من المسؤولية بإجراء سلسلة من الإجراءات الطبية السليمة للمراجعين والمرضى.
وفي هذا السياق، أكد على أن العمل جار لتزويد أقسام الطوارئ والإسعاف بكوادر مؤهلة وزيادة أعدادها كأحد الحلول المقترحة، للحد من أي قصور طبي.
ويشار إلى أن مصدرا مسؤولا في الوزارة، كشف أن تقرير لجنة التحقيق الرسمية التي شكلها الوزير للوقوف على أسباب وفاة دينا، بين "وجود نوع من الإهمال والتقصير في سير الإجراءات الطبية لمعالجة الشابة".
وأوضح المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أن السجلات الطبية لدينا التي كانت تنتظر حفل زفافها الشهر المقبل، وقضت نحبها قبل اسبوعين، عقب رحلة معاناة للعلاج في مستشفيي حمزة والبشير الحكوميين، أثبتت وفق تقرير اللجنة أن "الإجراءات الطبية التي اتبعت لعلاج الشابة في مستشفى حمزة، شابها الإهمال".
وبين الفايز إلى "الغد" أنه سيعلن عن نتائج التحقيق بكل "شفافية ومصداقية" في مؤتمر صحافي خلال اليومين المقبلين، بعد دراسة التقريرين والإعلان عن تفاصيلهما.
وكان الفايز، شكل لجنة برئاسة المدير الفني لمستشفى البشير الدكتور سالم المجالي، للكشف عن ملابسات وفاة دينا، وما إذا كان هناك إهمال وتقصير من قبل الكوادر الطبية في الوزارة.
وكانت دينا أدخلت الى مستشفى حمزة، جراء ألم شديد في بطنها، إلا أنها غادرته بعد تلقي العلاج لتعود مرة أخرى إلى مستشفى البشير، بسبب عدم نجاعة العلاج الذي حصلت عليه في مستشفى حمزة، لكنها ما لبثت أن فارقت الحياة قبل اسبوعين، بحسب ذويها الذين تقدموا بشكوى رسمية، بحيث شكلت على إثرها لجنة للتحقيق بوفاتها.
صحيفة الغد-14/6/2009
المفضلات