قالوا عن الكتاب قديماً.. هو الجليس الذي لايطريك و الصديق الذي لايغريك و لا يعاملك بالمكر، و لا يخدعك بالنفاق، و لا يحتال لك بالكذب.
و هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك، و شحن طباعك، و بسط لسانك، و جوّد بنانك، و فخّم ألفاظك.. و منحك تعظيم العوام و صداقة الملوك. و الكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار، و يطيعك في السفر كطاعته في الحضر، و لا يعتل بنوم، و لا يعتريه كلال السفر.
وعندما سئل الخليفة العباسي المأمون( مؤسس مكتبة بيت الحكمة) ما الذ الاشياء ؟ قال : التنزه في عقول الناس وقد عنى بذلك قراءة الكتب .
وكانت مكتبة (بيت الحكمة) في بداية أمرها جناحاً في احد قصور الرشيد، ثم زاد في كتبها ابنه الخليفة المأمون الى ان صارت مكتبة مستقلة وسميت باسم (بيت الحكمة) حيث اسهمت في تطوير الفكر العربي والخليفة المأمون من مشجعي العلوم ومن الداعين الى جمع الكتب، حيث كان دؤوباً نشيطاً في جمعها وجلبها الى بغداد، فقد ذكر انه استجلب مائة حمل من الكتب وانه اشترط في معاهدة صلح مع الامبراطور ميخائيل الثالث البيزنطي ان يتخلى له عن احدى المكتبات، وكانت المكتبة ذات فهارس منظمة ودقيقة تعطي وصفاً دقيقاً شاملاً لمحتوياتها وهي مصنفة بحسب مواضيعها.. ولقد وصل عدد المجلدات في بعض الخزائن أيام المأمون الى مائة ألف مجلد كلها جيدة النسخ والتجليد كان منها ستة آلاف وخمسمائة مجلد في علمي الطب والفلك.
ولقد اصبحت مكتبة بيت الحكمة مؤسسة واسعة ومعهداً ثقافياً ذات أقسام كبيرة ومتعددة، حيث خصص كل قسم من أقسامها للقيام بمهمات معينة فمنها قسم (للنسخ) وهو بمثابة دار الطبع والنشر اليوم.. ويشتغل فيه فئة من مشاهير الفنانين في الخط والكتابة. وقسم آخر للترجمة مهمته نقل الكتب الفارسية والهندية واليونانية والكلدانية والقبطية وغيرها من اللغات القديمة الشائعة. ويبدو ان حرفة الترجمة قد ازدهرت حتى أسس الناس دوراً أهلية للترجمة.. حيث ذكر ان حنين بن اسحق الطبيب السنطوري كان قد اتخذ لنفسه مقاماً في بغداد يقبوم به بترجمة الكتب الأجنبية الى العربية.
وقد كانت أغلب كتب بيت الحكمة فقهية وأخرى في المنطق واللغة والفلسفة ثم الكتب التي ترجمت عن اليونانية والفارسية.
وكانت مكتبة الحكمة غرفاً مترابطة يوصل بينها رواق طويل ممتد تصنف بحسب نوع الكتاب.
على اني قد بدأت اؤمن بمقولة ان ما هو اندر من الكتاب الجيد هو القاريء الجيد في عصرنا هذا، علما ان عادة قراءة الكتب هي المتعة الوحيدة التي لا زيف فيها ، انها تدوم عندما تتلاشى كل المتع ، و اذكر هنا ما قاله نجيب محفوظ عن مدى غرامه بالقراءة '' عندما كنت طالبا بالمدرسة، كنت أضع قائمة تضم أهم الأعمال التي علي أن أقرأها، لكن مع قراءاتي كانت هذه القائمة تزداد طولا ''
المفضلات