أحاول أن أكون ذكي فأخاطب الناس على قدر عقولها ، ولعلهم هم الأذكياء ويخاطبوني على قدر عقلي ، فما المقياس الذي يمكن من خلاله
معرفة مقدار عقل الشخص الذي تحادثه للمرة الأولى؟
هناك مقولة شعبية ليس لها أساس من الصحة على حد علمي تقول : أن الله سبحانه وتعالى عندما وزع
العقول على البشر ، كل نفر من النفرات أخذ عقله وركض به ، وعندما وزع الأرزاق كل النفرات اعترضوا !!
عندما تقول له ثور .. فيقول لك : احلبه
وتقول له طارت .. فيقول لك : عنزة ولو طارت
ويريد بشتى الوسائل المتاحة وغير المتاحة أن يقنعك بأن عنترة بن شداد هزم ألف فارس صنديد من خيرة فرسان العرب قبل أن
ينتهي أبوه شداد من التهام ساندويتش الهمبرغر بالجبنة 00(
أردت أن أكون منصفاً لمرة واحدة في حياتي فخلعت عقلي من رأسي ولبست عقل هذا المتكلم لبضعة دقائق وتخيلت عنترة في ساحة
المعركة يمتطي صهوة جواده الذي يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار وأربعين ( سانتي ) ، ممسكا ً بيمينه سيفاً بطول عامود كهرباء كالذي يتوسط
شوارع اربد ،وبشماله ترس كانت تستخدمه فضائية بنو عبس في ذاك الوقت .. كلاقط لمحطات الروم والفرس الثقافية الفضائية
" و أكشن .. بدأت المعركة "4441122244411222
المشهد الأول والأخير
عنترة في وسط الميدان ومن حوله ألف حصان مهجن من غير فرسان - الفرسان فروا من ساحة المعركة عند رؤية عنترة - يتقدمون نحوه
بخوف وحذر ( رِجـِل لقدام ورجل لورا ) فيبدأ عنترة بإلقاء قصيدة حربية لزوم إرهاب العدو وبعدها يصرخ بصوت يزلزل الصحراء
" زوم إن على عنترة وهو يصرخ "
- عبلاااااااااااااااا ... لعيونك يا بعد عمري
" لقطة من الأعلى للأحصنة "
يهرب أثر ذلك الصوت مئة حصان جبان
عودة للمشهد
تبدأ المعركة بدوران يقوم به عنترة حول نفسه ليرمي مئة حصان بالدورة الأولى .. ويتابع دورانه ليرمي المائة الثانية فالثالثة
فالرابعة فالخامسة حتى امتلأت ساحة المعركة بالأحصنة المجروحة والمضرجة بالدماء مما أدى إلى تعثر جواد عنترة فوقع أرضاً وبالتالي وقع
عنترة من على ظهره فاقتربت منه الأحصنة المهجنة فقاوم بسيفه البتار وقتل ما يقارب من ثلاثمائة حصان وتشاء الأقدار أن يدخل في عينيّ عنترة
ذرات من الرمل تجبره على ترك السيف ومحاولة إخراج الرمل من عينيه ، هنا تنتهز الأحصنة المتبقية الفرصة فتدوسه بحوافرها ..
ومن سوء حظ عنترة أن حافر أحد الأحصنة المهجنة أصاب البصلة السيسائية لعنترة(brain stem) ففقد الوعي على أثرها وهنا يطلق حكم المعركة
صافرة لإنهاء المعركة ويوعز للفريق الطبي المرافق لعنترة بنقله فوراً إلى مستشفىالبشير للعلاج . " انتهى المشهد "
خلعت من رأسي عقل هذا المتكلم وأعدت عقلي إلى مكانه وحمدت الله وركضت مسرعاً ..
بعد أن هدأت وركنت إلى نفسي تساءلت أن كيف السبيل إلى تكوين علاقات وصداقات على أسس سليمة والمنطق مفقود ، والصدق نادر
الوجود ، والغباء والاستغباء خالط الأوكسجين والماء ، والضمائر في إجازة براتب وبدون راتب غالبا ً ؟
أن تكون إنسان اجتماعي فهذا يعني أن تفتح الثلاجة وتضع فيها عقلك وقناعاتك واحترامك لنفسك قبل خروجك من المنزل ومن ثم
ترتدي قناع الابتسامة الفورية وتتأبط حرارة المصافحة وسرعة البديهة التي تجعلك تضحك على نكتة سمعتها عشرين مرة
من نفس الشخص وتصادق على كل ما يتفوه به
من أهم أدوات " الانسان الاجتماعي " هز الرأس بالإيجاب مع ابتسامة خفيفة ، فعندما يقول المتحدث أن الصينيين يأكلون الرز بالعيدان
الخشبية بسبب كرههم للمعادن التي كانت السبب في حبسهم وراء السد الذي بناه ذو القرنين حينما كان اسمهم يأجوج ومأجوج فما عليك
سوى إطلاق ابتسامة خفيفة وهزة رأس توحي له بأنك مقتنع تماما ً بما يقوله ويمكن أن تكتسب وده بسرعة أكبر إذا أضفت لما سبق رفع
الحاجبين بين الجملة والأخرى لتبين له بأنه إنما ينطق
درر ومعلومات ذات قيمة عظيمة فتراه بنهاية الجلسة يصافحك بحرارة شديدة ويقسم عليك أغلظ الأيمان بأن تزوره كل يوم وأنه سعيد جدا ً
بمعرفتك وأنك رجّال والرجال قليل ..!
وجهة ....
أرى أننا نحتاج إلى دورات تدريبية مكثفة مستمرة لإقناع أنفسنا بأننا على خطأ والآخرون الكثر هم على جادة الصواب ، مع حرصنا على
تناول أقراص مميعة للدم قبل كل لقاء مع الهُم الكثر
المرحومم أبي أفهم مني بالتأكيد
كنت أسأله دائما ً نفس السؤال ويجيبني بنفس الجواب .. فهل هذا يعني أني قليل الفهم ؟00(
أمي أفهم مني بالتأكيد
كنت أسألها دائما ً نفس السؤال وتجيبني بنفس الجواب .. فهل هذا يعني أني قليل الفهم ؟
أمي .. لماذا تقاطعين الجيران وليس لك صديقات ؟
- يا ابني .. من عاش مْداري مات سقيم ، وإلعب وحدك ترجع راضي
لم أفهم معنى كلامها حينها ، فعلى مستوى أم ربة منزل تعتني بزوجها و أطفالها يكون الأمر ليس ذات أهمية بالغة إذا لم يكن لها صديقات
وعلاقتها بالجيران محددة باستعارة رغيفين خبزورأسين بصل وصحن مكدوس وجرن الكبة ، أما على مستوى رجل تجبره مسؤولياته
على بناء علاقات كثيرة ومتجددة بشكل مستمر فهنا تكمن المأساة الحقيقية ، فثمة اتجاهين لا ثالث لهما
الاتجاه الأول : شرق شمال جنوب غرب وما بينهم من اتجاهات فرعية ، أي أن تمشي مع الماشي وتقف مع الواقف وتبصم على بياض
وتقلع عينك قبل أن تجلس مع الأعور وتكون شاهد الإثبات الذي لم يرى شيئاً مما قاله عن بطولاته ومعجزاته هذا الشخص الذي فرضت
عليك الظروف أن تكون على علاقة طيبة معه وبذلك تتلافى مواجهات أنت بغنى عنها وتنال مبتغاك بسهولة مع حصولك على شهادة إنسان
متفهم اجتماعي عصري مذيلة بجملة " حامل هذه الشهادة أهل للثقة " .
الاتجاه الثاني : ضد التيار والعاصفة والإعصار ، فتقول للأعور أعور وللأحول أحول وللجميل جميل وتبتسم لمن يستحق الابتسام وتغضب
عند اللزوم وتنصر المظلوم وتشهد بالحق ولا تخشى إلا الله ، عندها تجد نفسك قد هدمت كل العلاقات الاجتماعية التي بنيتها بأدوات " الرجل الاجتماعي "
وتصبح عندئذ مُعكـّر صفو الخلان وعدو المرح وهادم اللذات ومفرق الجماعات فتعيش المثل القائل " إلعب وحدك ترجع راضي
" وهذا لا يغني ولا يسمن من جوع في هذا الزمن العصيب الذي يحتم علينا أن نلعب مع الآخرين ونـُداري سفهاءنا في أغلب الأوقات لينتهي بنا الأمر إلى الموت سُقما ً ، وهذا ما يحصل حقيقة الأمر في زماننا الحالي وبكثرة
ملفتة للنظر فترى وتسمع أن شبابا ً في الثلاثينات من العمر يموتون بالسكتة القلبية " الجلطة " وعندما تستفسر عن حالة المتوفى قبل وفاته
إن كان مريضا ً بمرض خطير تكون الإجابة بالنفي دائما ً وأنه كان بالأمس يسامرنا ويروي الطرائف أو كان بأحسن حال وصحته مثل الحصان
وفجأة شعر بألم شديد بصدره فأسرعنا به إلى أقرب مستشفى ولكن الله قدر له أن
يموت في الطريق ..!
التقرير الطبي / ذبحة صدرية ، توقف مفاجئ للقلب ، احتشاء في عضلة القلب ، سكتة دماغية ( جلطاااااات )
رحم الله أمي ، كانت ذات حكمة ، لم تـُداري أبي .. فمات بالجلطة
ورحم الله جدتي ، كانت ذات الحكمة التي ورثتها عنها أمي ، لم تـُداري جدي .. فماتوا معا
.. أي بالجلطة
ورحمني الله ، أجد نفسي ذات حكمة ، فما رأيي ؟ أأُبقي عليها وأخسر معارفي
ووظيفتي ؟
أم أتخلى عنها وأموت سقيما ً .. بالجلطة ؟
الأمر يستحق التفكير كثيراً يا أنا ، هي مجرد حكمة مؤلفة من بضع كلمات وأنت يا أنا مخلوق
مكون من ملايين الخلايا فأيهما أحق بالحياة .. الحكمة أم ملايين الخلايا ؟
هذا سؤالك يا أنت ، فدعني أصيغ السؤال من وجهة نظري أنا يا أنت ..
- أيهما أنفع لنفسك و للبشر .. أنت أم الحكمة ؟
- اممممممممم ..
- أتريد خيارات ؟
- ياليت
- لا يوجد
- اممممممممممممم .....
- أتريد وقت للتفكير ؟
- ياليت
- لديك الوقت كله .. من الآن و حتى تموت بالجلطة
- وضعتني بموقف لا أحسد عليه
- بل تحسد عليه
- كيف ؟!
- أترك لك متعة البحث عن الإجابة .. إلى اللقاء
- انتظر .. لحظة
- إذا وجدت الإجابة نادني وأكون لديك بلحظة
- أأنت تسكن قريب من هنا ؟
ساد الصمت أرجاء عقلي ولم أعد أسمع صوته ..!!
المفضلات