العنف هو كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، وقد يكون الأذى جسمياً أو نفسياً. فالسخرية والاستهزاء من الفرد وفرض الآراء بالقوة وإسماع الكلمات البذيئة جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة.
تعدّ ظاهرة العنف بشكل عام من أكثر الظواهر التي تسترعي اهتمام الجهات الحكومية المختلفة من ناحية والأسرة من جهة أخرى، إذ يحدث في الآونة الأخيرة في دول غربية تطور ليس فقط في مقدار أعمال العنف وإنما في الأساليب التي يستخدمها الطلاب في تنفيذ السلوك العنيف كالقتل والهجوم المسلح ضد الطلاب من ناحية والمدرسين من الناحية الأخرى.
في الآونة الأخيرة زاد الاهتمام بموضوع العنف في كثير من دول العالم نتيجة زيادة حدة العنف بأشكاله المختلفة تجاه الأطفال والتي وصلت إلى مستويات مقلقة.
والعملية التربوية مبنية على التفاعل الدائم والمتبادل بين الطلاب ومدرسيهم، حيث أن سلوك الواحد يؤثر على الآخر وكلاهما يتأثران بالخلفية البيئية، ولذا فإننا عندما نحاول أن نقيم أي ظاهرة في إطار المدرسة فمن الخطأ بمكان أن نفصلها عن المركبات المختلفة المكونة لها حيث أن للبيئة جزء كبير من هذه المركبات.
ورغم أن مجتمعنا يمر في مرحلة انتقالية، إلا أننا نرى جذور المجتمع المبني على السلطة الأبوية ما زالت مسيطرة، فنرى على سبيل المثال أن استخدام العنف من قبل الأخ الكبير أو المدرس هو أمر مباح ويعتبر في إطار المعايير الاجتماعية السليمة، وحسب النظرية النفسية- الاجتماعية فإن الإنسان يكون عنيفاً عندما يتواجد في مجتمع يعتبر العنف سلوكاً ممكناً، مسموحاً ومتفقاً عليه.
بناءً على ذلك تعتبر المدرسة هي المصب لجميع الضغوطات الخارجية فيأتي الطلاب المٌعنّفون من قبل الأهل والمجتمع المحيط بهم إلى المدرسة ليفرغوا الكبت القائم بسلوكيات عدوانية عنيفة يقابلهم طلاب آخرون يشابهونهم الوضع بسلوكيات مماثلة وبهذه الطريقة تتطور حدة العنف ويزداد انتشارها، وفي داخل المدرسة تنتظم الجماعات ذات المواقف المتشابهة حيال العنف في شلل وتحالفات مما يعزز عندهم تلك التوجهات والسلوكيات، ويذكر (هوربيتس، 1995) '' إذا كانت البيئة خارج المدرسة عنيفة فان المدرسة ستكون عنيفة ''.
تشير هذه النظرية إلى أن الطالب في بيئته خارج المدرسة يتأثر بثلاثة أمور وهي العائلة، المجتمع والأعلام وبالتالي يكون العنف المدرسي هو نتاج للثقافة المجتمعية العنيفة.
وفي كثير من الأحيان نحترم الطالب الناجح فقط ولا نعطي أهمية وكياناً للطالب الفاشل تعليمياً، الطالب الذي لا يتجاوب معنا. وحسب نظرية الدوافع فالإحباط هو الدافع الرئيسي من وراء العنف، إذ أنه بواسطة العنف يتمكن الفرد الذي يشعر بالعجز ، أن يثبت قدراته الخاصة، فكثيراً ما نرى أن العنف ناتج عن المنافسة والغيرة، كذلك فإن الطالب الذي يعاقب من قبل معلمه باستمرار يفتش عن موضوع (شخص) يمكنه أن يصب غضبه عليه.
العنف موضوع واسع وشائك، هناك العديد من الأمور التي تؤثر على مواقفنا تجاه العنف بحيث نجد من يرفض ومن يوافق على استخدام العنف لنفس الموقف، وهذا نابع من عدة عوامل كالثقافة السائدة والجنس والخلفية الدينية وغيرها، وبما أن الدين يعتبر عنصراً أساسياً ويلعب دوراً فاعلاً في حياة الأفراد، فمن الصعب تجاهل هذا العامل وتأثيره على قراراتنا ومواقفنا التربوية.
ثمة توجه يحمل المسئولية للمدرسة من ناحية خلق المشكلة ومن ناحية التصدي لها ووضع الخطط لمواجهتها والحد منها، وهو يشير إلى أن نظام المدرسة بكامله من طاقم المعلمين والأخصائيين والإدارة يوجد علاقات متوترة طوال الوقت، وأن السلوكيات العنيفة هي نتاج المدرسة ، وانها ترتبط بما يلي: تغيرات مفاجئة داخل المدرسة، إحباط، كبت وقمع للطلاب، الجو التربوي المتوفر.
المفضلات