لنخط بأقلامنا ما عجز "قداسته" عن سماعه!!.. بقلم الدكتور زكريا الشيخ
كتب د.زكريا محمد الشيخ رئيس مجلس ادارة الحقيقة الدولية
الحبر الأعظم، قائد كاثوليك الكون، ثاني أكبر ديانة في العالم بعد الإسلام، يصل إلى الأردن الجمعة في زيارة دينية ذات تداخلات ورسائل سياسية بنكهات مختلفة!! أما بالنسبة لي وللأغلبية العظمى لمليار ونصف المليار مسلم والملايين من المسيحيين الشرقيين المنتمين إلى أمتنا العربية، فالنكهة حتما مرة المذاق، مع اجتهادي للبحث عن جزيئية قد تكون محوصلة بها نكهة حلوة.. ولكن للأسف لم أجد!! أو بالأحرى لم أشعر بمذاقها، كون المرارة، في العادة، وعلى الرغم من قلة حجمها تطغى على الحلاوة ولو كثرت، فما بالك بأن تكون المرارة هي الطاغية والحلاوة ذات نسبة لا تقاس.
الزيارة والتي رافقها التهليل والتزمير والتطبيل قبل أن تبدأ خوفا من أن يرجم المخالف للرأي بنعوت أقلها بأنه لا يحسن استقبال الضيف، وبالتالي فهو نشاز على المجتمع العشائري الذي يكرم الضيف ويحسن استقباله، أو الاتهام بأنه يساهم في منع تطور السياحة والاقتصاد وغيرها، وقد تتطور الأمور إلى نعوت أكبر من ذلك.. ولهذا، وكإعلامي آثرت ومجموعتي الإعلامية أن ننتهج نهجا مقبولا وينادي به الغرب ذاته، وهو "حرية التعبير عن الرأي" المزعومة، وأطلقنا مبادرة تلقفتها وكالات الأنباء العالمية، وهي عبارة عن وثيقة إعلامية تسلم لـ "قداسته" يوم وصوله إلى بلادنا، وذلك من باب أضعف الإيمان، تتضمن وجهة نظرنا ورؤانا حول ما يجب أن يكون عليه دور الفاتيكان في رفع الظلم عن المظلومين وإعادة الحقوق إلى أصحابها الشرعيين، عسى ولعل أن يجد البابا متسعا من الوقت لقراءتها، في محاولة متواضعة لمعادلة أو خلق حالة من التوازن أمام الضخ المعلوماتي والتدخل والاختراق الصهيوني السافر لمؤسسة الفاتيكان وما نتج عنه من قرارات ظالمة ومواقف مشينة منذ اليوم الأول لتولي البابا بندكتس السادس عشر مقاليد منصبه الرفيع ومن سبقوه من قبله.
تلك الدعوة لاقت قبولا منقطع النظير من كافة فئات المجتمع، بل كانت هي الوحيدة من بين وسائل الإعلام التي حاولت أن تسير على الخط الأحمر من الجهة العليا، وتجرأت على فتح هذا الموضوع على مصراعيه، ولكنها لم ولن تتجاوزه، لأن هدفها نبيل وغايتها مصالح الأمة العربية بشقيها الإسلامي والمسيحي، مع تأكيدنا بأن مبادرتنا هذه لا تنتقص من مكانة البابا ومدى احترامنا له كضيف ينزل على سيد البلاد الملك عبد الله الثاني بن الحسين.. إلا أننا نؤمن أن هذا الأمر يجب أن لا يكون عائقا أمام حقنا في التعبير عن آرائنا.. فالبابا وجه إساءات بليغة لرسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، ودعم وما زال بكل قوته الكيان الصهيوني المغتصب لحقوق المسلمين والمسيحيين على حد سواء من أبناء الشعب الفلسطيني، وهو يمارس أعتى صنوف الإرهاب والجبروت والتدمير بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية وفلسطين التاريخية أرضا وإنسانا.
فلماذا؟ ومن ماذا إذن الخشية؟ أليس من حقنا أن نتكلم، وعلى أقل تقدير أن نوصل رأينا ورؤيتنا ووجهة نظرنا لبابا الفاتيكان الذي وصلت به الأمور لحد الدفاع المستميت عن قتلة الأطفال وبؤرة الإرهاب في العالم، هذا الكيان الصهيوني الصنيع الذي يتخذ من الفاتيكان أداة لتمرير إجرامه وإرهابه.
نعم من حقنا أن نتكلم، ومن حقنا أن يرتفع صوتنا، ومن حق البابا علينا أن يستمع لنا وأن لا تكون أذناه واحدة من طين والأخرى من عجين، لأن التاريخ يسجل ولن يرحم، والفاتيكان تلك المؤسسة الدينية الهامة عليها أن تتبوأ مكانتها الحقيقية وتنشر تعاليم المسيح عليه السلام الداعية للمحبة والسلام ورفع الظلم والضيم عن البشر..
نعم.. لنخط بأقلامنا ما عجز "قداسته" عن سماعه!!
المفضلات