رسالة استنكار من يزن إلى عالم لم يعد يعرف معنى ...بقلم : عمر شاهين
الطفل يزن الى اليمين مع شقيقه - الصورة من الزميلة الغد
ها أنا يا أهل الاردن أغادركم بروحي الصغيرة الضعيفة ..تاركا لكم جسدي المحروق المعذب وقد سجي في المستشفى دون ان يجد حانوتيا يحمله إلى مقبرة سحاب ، عل اهل الارض كان من يود أن يعذبني أكثر يتففن في قتل طفولتي ، في سماع صراخي أهاتي سموها كيفما شئتم ففي وقت الالم تنعدم الاسماء وبقى الصراخ لن أتفنن في الوصف ولكني أقول مودعا لا بارك الله في بشر يعذبون أطفالهم ...
أحبائي الأطفال اغادر تاركا لكم لعبة واحدة أشبه بحصان كنت أجلس عليه أعيش بأحلام يقظة باني أطير إلى عالم جميل يختلف عما تريني إياه هذه الدنيا ، أحلام كان يحملني عليها الحصان الذي كتب عنها العم موفق كمال في صحيفة الغد ، أه كم كانت تمزق أحلامي اليقظة بصفعة على رأسي أو سيجارة تطفأ في جسدي ، لم أكن ألوم والدي وهو ينهي حياة سيجاره في جلدي عله لم يكن يجد منفضة سجائر فيفضل أنه تكون نهايتها بجلدي الذي ينهي تبعثر دخان سيجراته مثلما كانت تلك الحرارة المؤلمة تنهي حلم جميل في اكوان كنت أصنعها في بيت فارغ .
أهل الارض لن أبكي في ظلمة القبر ، فبيتي لم يكن بأحسن حال منه ، لا يوجد به سوى جدار، وغاز ينتظر طويلا ليوضع فوقه شيء من الطعام او تضع فوقه سكين تتجه إلى لحمي الرقيق ، ما أصعب الالم مع بطن فارغ ، وجسد بريئ لا يتقبل سوى الحرارة الخارجية ، كم كنت أتمنى أن أكون مثل غيري شبيه بؤلئك الأطفال الذين يرتدون ثياب عيد ، ويجدون طنجرة فيها طعام ، وأب يقول "مالك يا حبيبي" طفل يركب تلك الحافلات الصفراء التي يركبها أطفال يختلفون عني ، يأكلون ، يلبسون ، ينامون يلعبون ، لديهم أشياء لا يحق لي سوى أن اشاهدها فقط ان أتحسر فيها، وكأن عمو يوسف غيشان صدق عندما قال : "أن هناك من يولد وفي فمه ملعقة ذهب وهناك من يولد وفي فمه حذاء." أنا لست حزينا لأني غادرتكم ، بل فرحا حتى لو لم تسمح لي الحياة بان اقبل قضيب الحديد الذي ارتطم في رأسي ، وهو يقول "تعال يا حبيبي سأعيدك إلى الأرض ، إلى حيث بدأت فمنها خلقت وآن الأوان أن تعود فلم تتحمل الصخور سماع صرخاتك وأنت تستنجد.
"خلص بتوب، خلص بكفي" فقد اخطات روحك الطاهرة وهي تستجدي وتدرك ان العقاب الذي تتلقاه لا ينتظر توبة مثلما لم ينتظر ذنب ليعاقبك عليه . ايتها الدنيا لم أنتظر لاكبر وأصبح مجرما أنتقم من عذاب طفولتي ، انتقم لحنجرتي لأحمرار عيوني لنبيذ دموعي ، لم أنتظر لأصبح مثلكم أنتقم من طفل آخر ، من جلد لا يحتمل قبلة وليس ضرب بعصا ، أنا لست كيسا للملاكمه ما انا إلا حكاية لم يحتمل السارد إكمالها أو أن يترك بطلها يعاني حتى يسجل في تاريخكم معذبا . لن أقول لهذا العالم وداعا فلا يستحق هذا العالم المتحجر أن ارفع له أصابعي المحروقة، أو حنجرتي الصارخة.
كم كنتم قاسين ومن منكم أتهمني باني منحرفا ، أدخن ، أهرب من المدرسة ، أشتم ، أقاتل ، تكلموا عني ما شئتم أجعلوني بطلا لصحفكم قصة حازت لاحاديثكم ، برروا كما تريدون اشتموا ، ولكنكم لن تشفعوا لأنفسكم ، في عمان الجميلة الواسعة كحور العين وهي تمتلئ بالعمارات الشاهقة والمطاعم والفنادق ولم تسطتع يوما أن تملئ بطني طعاما.
أرجوكم توجهوا الى بيتي الفارغ وأجلسوا في أحد زوايا الغرفة استمعوا، لصرخات ترفض ان تغادر ذلك البيت الموحش أنقذوا روحي ، ضعوا كفا رقيقة على خدي ، أرجوكم لينتشل أحدك ذلك الطفل وليهرب به بعيدا . أصرخي أماه في سجن الجويدة علي ، أفرح يا والدي فقد أصبحت نجما ، يذكر اسمك في الصحف ، وقد تكون روحي أحبت أن تقدم لك قربانا عجزت طفولتي ان تعطيك إياه ، إلا أني ارجوك فقط أن تسرع في ارسالي إلى قبري فهناك ملائكة رحمة تنتظرني ، ستحضنني وتطعمني وتأخذني إلى جنة الخلد حيث كنت أحلم وانا اركب على لعبتي الوحيدة الحصان الخشبي ، أحلام كانت تقطع بسرعة ، بلكمات وضرب ، وسؤال أجبني به وانت تضعني في حفرتي الاخيرة لماذا كنت تعذبني ؟؟
خذوني يا أطفال غزة حمموني بالفسفور الابيض، أتركوا جثتي المحروقة في هذه الارض ، دعونا نتوجه حيث يعيش أطفال قانا ، أطفال يصرخون لأمهم الارض أعيدينا أماه أوقفي عذابنا فنحن لنسا من ركاب الباصات الصفراء.
المفضلات