ماذا نتوقع من المجترئين على الأخلاق وهواة التفرقة وإيقاع الدسائس والفتن بين الشعوب المسالمة ؟ وهل ننتظر من أعداء الديانات السماوية غير الإساءة الى الأنبياء والنيل من مكانتهم العالية وقداستهم الخاصة ؟، التي نالوا بها تلك الدرجات إصطفاءً من الله لهم وتفضيلهم على كل المخلوقات بأن إختارهم لرسالاته وجعلهم رسلاً للسلام والمحبة وهداة للبشرية الى طريق الخير والفلاح والفوز والنجاح في الدارين معاً.
إن مانشاهده اليوم من حالات الإستنفار العفوية التي حركت الأحاسيس وهزت مشاعر ملايين المسلمين في أرجاء المعمورة إستنكاراً لبعض التصرفات الطائشة واللأمسئولة من أناس لم يعرفوا معنى كلمة (نبي) أو (رسول) ولم يعوا أخلاقيات حدود الحريات الشخصية المزعومة منهم فضلاً عن آداب وسلوكيات الصحافة والإعلام ، بل لم يكترثوا بما سيجره هذه العمل المشين من تبعات وآثار على علاقات شعوب بأكملها ، وربما أنهك بلدانهم الغنية وجرها الى حآفة العزلة والفقر ولو بعد حين ، لتجاهلها ردعهم وتوفيرها مظلة الحماية الصريحة لهم ، ليستظلوا تحت مظلات أمن دولهم التي جعلت من حقوق الإنسان والصحافة ستاراً يغطي هذه التصرفات القبيحة التي يتقزز منها ويرفضها كل من ينتمي للإنسانية بصلة ،بل وفتحت المجال واسعاً لكل من سولت له نفسه من النيل من أشرف العرب والعجم على الإطلاق سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي المعروفة حجته للعالمين، والظاهرة بشارته لكل الأنبياء والمرسلين صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين، وهم الذين أخذ الله عزوجل منهم العهد قبل ظهوره أن يؤمنوا به ويشدوا أزره وينصروه.
وإن كانت ردت الفعل الإسلامية لم ولن تصل بعد الى مايطمح اليه المسلمون في قارات العالم ، لكن يجدر بنا أن نشكر الدول الاسلامية التي تحركت دبلوماسياً وإعلامياً بمايمليه عليها واجبها الشرعي في الدفاع عن خير البرية ورمز أمة الإسلام وهاديها من الضلالة وناقلها من الظلمات الى النور عليه الصلاة والسلام، وفي مقدمتها حكومة وشعب المملكة العربية السعودية التي شرفها الله تعالى بخدمة الحرمين الشريفين وإحتضان هيئتين إسلاميتين كبريين هما: رابطة العالم الاسلامي ومنظمة المؤتمر الاسلامي ، اللتان يعول عليهما المسلمون كثيراً في إتخاذ قرارات فاعلة ورادعة عندمايصل الأمر ببعض الحمقى وبرضاء من حكوماتهم الى ماشاهدناه وسمعناه من أساليب الإستخفاف والوقاحة والإستهزاء بمشاعرالمسلمين والنيل من رمزهم الأعلى وقدوتهم المثلى وحبيبهم المصطفى قائد الغر المحجلين الى جنات النعيم صلى الله عليه وآله الكرام ، ورضي عن صحابته الأعلام ماتعاقبت الأيام الى يوم الدين.
إن مانلمسه اليوم من تحرك يشرح الصدور ويوحي بالفخر والسرور من كل عضو مسلم مخلص لدينه ومحباً لنبيه ومؤمناً بربه ، حتى صار تعاونهم وتآزرهم في هذه المرة ليس شجباً فحسب واستنكاراً بالالسن فقط ، كما ألفناه وتعودناه في كل المحن والكوارث والجور والإعتداءات التي حلت على أمةالإسلام ، سيما في العقود الأخيرة من هذا الزمن الجائر بسبب صيرورتنا فيه كم بلاكيف وإنطباق حديث الصادق المصدوق فينا في حقيقة الغثائية الجاثمة علينا، ولكنه أصبح بارقة أمل ملموسة اليوم بيننا وهي مستوحاة أيضاً من حديثي الرسول عليه الصلاة والسلام
(من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة)و(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)، ونأمل أن نرى ثمارها وقد فعلت فعلها في رد قاسي ومقاطعة مؤلمة لمنتجات وشركات الدول المستهزئة بخير أمة أخرجت للناس ، حتى يعودوا لصوابهم ويفيقوا لرشدهم ويرفعوا أقلامهم وأدوات اعلامهم عن البذاءة ويحسبوا الف حساب قبل مجرد التفكير بالإساءة أو السخرية من شعائرنا الاسلامية المقدسة ، وكم يحدوني الأمل فوق هذا وذاك أن يكونوا عبرة لمن أراد أن يعتبر.
فليستمر الإعلام الإسلامي ، ولنستنفر كل الطاقات الإبداعية والمهنية لخدمة ديننا والذود عنه ، وليعمل كل منا من موقعه أياً كان ، وأن لاننظر للعواقب أو نكترث بها حتى لايدخلنا الوهن أوتؤثر في عزائمنا إشارات التهديد الظاهرة أو المبطنة لأننا بسكوتنا عن ذلك نفقد البقية الباقية من ماء الوجه الذي نخجل أن يرانا من خلاله الجيل القادم ، كما أنه أوهن وأضعف السبل التي يوجب علينا الدين الاسلامي الحنيف عدم التفريط فيها ، وبل إستغلالها جيدا بماينبىء عن مصداقية إستنكارنا الفعلي وغضبنا الحقيقي ، وليس من باب الشعارات الروتينية الزائفة التي إضطررنا لعدم تنفيذها في زمن الغثائية والوهن الجاثم على نفوس الأمة أجمع ، هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى أن مقاطعة أي مسلم لأي بضاعة كانت لايرغبها هو من صميم الحرية الشخصية الواضحة للعيان، ولن تستطيع أي مؤسسة من مؤسسات القانون الدولي الغير العادل أن تضيفه تحت أي مسمى من مسميات الإرهاب الذي أصبح شعاره سيفاً مسلولاً وجداراً عازلاً لكل من أراد أن ينصر مظلوماً من إخوانه المسلمين أويدافع عن حقه المشروع.
وهاهي تباشير الأمل تلوح من جهتين ، الأولى : تعاضد الموسسات والهيئات الإسلامية وإزدياد صلابة هذه الأمة بوقوف علمائها وتجارها ورجال أعمالها وإعلامها أيضاً صفاً واحداً في خندق صامد لايعتريه الفتور والتراجع وهم في حالة إعتزاز بدينهم ونبيهم موسعين دائرة المقاطعة للسلع المعادية ، والتصميم على الإستمرار مهما كانت النتائج كي نكون أمة إما تستحق أن تحظى بإحترام وتقدير بين الأمم الأخرى أو لاتكون، وهنا لن يكون القال والقيل هو الفصل كسالف إستنكاراتنا، بل الفعل وحده هو الفيصل إن شاء الله تعالى ، والثانية:هي فوز حماس ورجالها المخلصين بأصوات شعبنا الفلسطيني المظلوم ، مع مطلع فرحتنا وآمالنا العريضة بأن يكون العام الهجري الجديد فتحاً ونصراً لأمة الإسلام ، بعد سنوات عجاف لم يلوح فيها ولو بارقة أمل ممانتمناه ، ويبقى السؤال: هل ستستفيد حماس من ترسيخ النهج الإسلامي بأسلوب واعي يمكنها من قيادة البلاد وإستعادة الحقوق بطريقة أكثر استيعاباً لمعطيات العصر وواقعية ماتمر به أمتنا من محن وتغليب العقل والمنطق والسياسة ، حتى لاتقع في فخ مبرمج من ردة فعل لها ولوكانت مشروعة ، وكي تحظى أيضاً بتعاطف ومساندة دولية مطلوبة ونحن وهي أحوج إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى لمؤازرة هذا الشعب المنكوب والحصول على حقوقه المسلوبة ولو بشكل مرحلي...
اللهم من أراد بأمة الإسلام خيراً فوفقه إليه ، ومن أراد بها كيداً فأجعل كيده في نحره وهلاكه بيده ، إنك سميع الدعاء ، وماذالك عليك بعزيز.......
المفضلات