تضغط الدنيا على حواس الإنسان و تدفعه دفعاً إلى ملايين الأحاسيس و التقلبات، و ليست هناك نهاية لرغبات الإنسان في الدنيا و لا نهاية لأطماعه - - =.
= إن صاحب الحذاء الواحد يطمع في أن يكون صاحب حذاءين..
== و صاحب المليون الواحد يطمع في أن يكون صاحب مليونين..
=== وصاحب الملايين العشرة يطمع في أن يكون صاحب عشرين..
==== و صاحب العشرين تعيس لأن هناك من يملك مائة..
-
و يمضي الثور مغمض العينين يدور في الساقية، و هو يحلم بمذاق العشاء و راحة الدفء التي تنبعث من ( راكية ) النار.
---------------------- - - =
و كلما صعد الإنسان سلم الحياة زادت رغباته و زادت حاجاته، أما حد الشبع فلا يعرفه الإنسان..
لا يشبع الطين مهما أمطرت عليه السماء.. إنه يمتص الماء و يريد مزيداً من الماء..
و الناس في الدنيا يدورون في سواقيهم الخاصة، و كل واحد فيهم يغني أغنيته الخاصة، و يحلم أحلامه الخاصة..
و تختلف بصمات أصابع الناس و تختلف أحلامهم و همومهم، و لكنهم يشتركون في أمر واحد..
إنهم يسقطون ذات يوم من الإعياء بعد أن تدور الأرض و تدور الشمس و تدور الساقية..
و أحياناً يغمض الإنسان عينيه و يموت، دون أن يعرف جواب هذا السؤال القديم:
= = -
لماذا جاء إلى هذه الحياة ؟
- - =
إن دوران الإنسان في الساقية وسيلة للعشاء و الدفء.. و لكنه ليس غاية الحياة، و أخطر مآسي الإنسان أن يتصور الوسيلة هي الغاية، و أن يستغرق في تأمل المشاهد التي يمر عليها القطار المسرع فينسى أنه باق في القطار فترة من الزمن.. و كثيرا ما يغلب الحمق على الإنسان فيبني داخل القطار المسرع آلاف الأشياء المستقرة الثابتة التي لا يمكن بناؤها في قطار..
و ليست حياة الإنسان سوى رحلة قطار يمضي مسرعاً بأيام العمر و المشاهد و التجارب و المشاعر ثم يهدئ القطار من سرعته و يقف.. و ينزل الإنسان تاركاً كل ما بناه و أسسه و طعمه و شربه و ارتداه، لا يأخذ معه إلى المكان الجديد غير لباس التقوى و لحظات الخشوع في الصلاة، و الخير الإنساني الذي قام به مستهدفاً وجه الله..
كل ما عدا ذلك يظل في القطار.. يستخدمه الآخرون و يستغرقون فيه و ينسون حكمة الماضين و يدورون في السواقي.
المفضلات