ظاهرة استغلال المرضى المصابين بالخوف من الشيخوخة ،ومسالة الخوف من الشيخوخة واستغلال المروجين لمثل هذا الواقع الاجتماعي والصحي ، جعلنا نتوقف عند القضية ؛ من مبدا تحصين الانسان وهذه الفئة من المجتمع .
يمر الإنسان بمراحل متعددة هامة في حياته من ناحية العمر تبدأ من الطفولة، إلى البلوغ، سن الشباب، النضج، والتقدم بالسن، ثم الشيخوخة.ولكن أكثر هذه المراحل الحرجة، تلك الفئة العمرية ما بين (35 - 49 ) عام ،وأحيانا الفئات العمرية ( 18 - 29 ) حيث التخوف والقلق من الوصول إلى السن المتقدم و الشيخوخة . فتضفي على حياة الفرد صبغة العيش في الهاجس التخوفي من تبعيات هذه المرحلة، وما يصاحب ذلك من مشاعر وأفكار وسلوكيات تتناسب وهذه الهواجس ، فتظهر الأفكار المقلقة بالتخوف من سوء الأحوال المادية ، وتدهور الحالة الصحية الجسدية والنفسية ، وفقدان الجاذبية الجسدية والاجتماعية ، من ترهل جسدي، وتساقط الشعر( الصلع ) ، وقصر القامة ، واعوجاج الاستقامة ، وضعف القوة العضلية والحركية ، وفقدان العمل او التقاعد ، وفقدان المكانة الاجتماعية ( أستاذ جامعي ، مدير سابقا... الخ)، والشعور بضعف القدرة على التكيف مع متطلبات الحياة ومستجداتها المستقبلية ، والخوف من الاتكالية على الآخرين. وبالرغم من أن الإنسان مدرك للوصول إلى مرحلة متقدمة إلا انه وفي اغلب الأحيان لا يرغبها ( مرحلة الضعف ) فهي مرحلة طبيعية من العمر، لطالما ربطها الإنسان تقليديا وهو في مرحلة ( سن القوة ) بالسلبيات وسوء النهاية مستقبلا من وهن ،ا وضعفا ، او استكانة أحيانا .وأصبحت جزءا مترسخا في ثقافات كثير من المجتمعات .
وهناك فئة من الناس تبلغ نسبتها (30 - 40 % ) خاصة النساء تعاني من الرهبة ،والفزع ،وتهيمن عليها هواجس الخوف من الوصول إلى هذه المرحلة العمرية( بشكل مرضي نفسي ) فيتدنى تقبل الفرد لأي تغيرات جسدية او نفسية او اجتماعية في المستقبل ، واغلب الأعراض التي تنتاب المصاب ارتفاع ضغط الدم الشرياني ، و التعرق ، وأعراض الفزع خاصة (( الخفقان ، والرعشة ، وضيق التنفس )) ، وأحيانا تصل هذه الحالة إلى درجة الانعزال الاجتماعي الشديد ، و قد تصل الحالة إلى مرحلة ( معاداة المجتمع والسلوك ضد الاجتماعي المتصف بالعنف ، واختراق الأعراف والتقاليد الاجتماعية ، واللجوء إلى الكحول او المخدرات أحيانا ).
وفي كثير من الأحيان خاصة الحالات المزمنة او الشديدة يعاني الفرد من ( الاكتئاب الشديد ) والذي بدوره يؤدي إلى مزيد من الأفكار السلبية والتشاؤمية ،وبالتالي تفاقم الحالة المرضية والدخول في الحلقة المفرغة وزيادة شدة هذه الحالة .
ويبدوا انه ومن هنا انطلقت بعض القنوات الفضائية وازدادت الشركات التجارية المصنعة لأنواع كثيرة ما تدعي انه علاجات بدعوى منع سن تقدم العمر و الشيخوخة ، وانتشرت حاليا في الأسواق العالمية مراكز شد الوجه ، ومعالجة الترهل ، والمساحيق والكريمات التي تخفي آثار التقدم العمري (المؤقت) وصبغات الشعر .. الخ .
ولا شك أن في ذلك تأكيدا على سعة انتشار هذا النوع من الخوف، فالمعادلة طردية بين الإقدام على التعامل مع هذه العمليات والعقاقير، وما بين نسبة انتشار هذه الظاهرة في سن مبكر .
فهذه المحطات الفضائيات، و المراكز، والشركات التجارية استطاعت اصطياد هذه الفئة ( المريضة ) بفهمها مشاعرهم ومتطلباتهم، لإشباع رغباتهم النفسية من خلال الصناعة والترويج والتطوير لأنواع جديدة من حين لآخر حفاظا على استمرار ترويج منتجاتها من خلال زيادة الإقبال والاستهلاك وبالتالي الاستنزاف المالي .
المفضلات