رجلين الميت
بقلم: الداعي بالخير
صالح صلاح شبانة
**********************
الميت احوج ما يكون الى رحمة الله تعالى، وربما حسنة واحدة او جزء من حسنة اذا جاز التعبير تقرر مصير ذلك الميت، اما الى الجنة واما الى سعير.. والميت احوج ما يكون الى الدعاء، والى الصدقة الجارية او غيرها من ماله الذي كان له وانتقل الى وريثه قد يكون له نصيب من خيره، وقد يكون عليه وزره، ويعتمد ذلك على طريقة تقسيم وصرف هذا المال.
الميت بحاجة الى دعاء ابنائه وبناته، ودعاء فقراء المسلمين والعابدين والصالحين فذلك الذي يزيد رصيده الذي انقطع بالعمل بمجرد صعود الروح الى بارئها العظيم.. وننسى ونتناسى الدين والشريعة، وبدلا من ان تكون سببا برحمة الميت نكون عبئا عليه وندفعه او نؤزه الى جهنم ازا بالحمولة الزائدة التي نضعها عليه.. وهي حمولة لم تستطيع السماوات والارض على حملها، فنحملها ذلك الراحل المسكين الذي انقطع عمله وهي بين يدي الله عز وجل وفي ذمته..
فتقول اولا (المرحوم) ولا نقول ان شاء الله، او بأذن الله، فمن يدرينا ان كان مرحوما او محروقا؟ هل نعلم الغيب او اطلعنا الله عز وجل على اسراره. ومن قال شيئا في علم الغيب او وعد وعدا ولم ينفذه ولم يقل ان شاء الله فهو كاذب، فلماذا نكذب على ذلك البائس الراجي لرحمة مولاه؟؟
عندنا في المثل الشعبي نقول (الميت بطولن رجليه).. اي تمتد قامته وتتحول كل سيئاته الى حسنات وكل نواقصه الى مثالب، وعندما نتحدث عنه نتحدث عن رجل لم يرتكب سيئة واحدة، عاش مجاهدا وقضى شهيدا.. غسلته الملائكة بالماء والثلج والبرد، ونبرر ذلك؛ بقولنا (اذكروا محاسن امواتكم) ونسأل: هل كانت هناك محاسن؟ ان كانت هناك محاسن فعلينا ذكرها ولكن ان لم تكن، كيف نسمح لخيالنا المريض ان ينسج تلك المحاسن؟
حتى ان كان مبغوضا او مكروها، وكنا في الحياة نمقته ونتمنى تطهير الارض منه وايداعه في جوفها، لقول فيه ما لا يقال، وعلى رأي المثل (في حياتك ما بحبك ولما تموت ببني على قبرك جامع)!!
كم من الاموات تكذب النوائح عليهم ويقلن كل ما يغضب وجه الله الكريم؟؟ كم من الهلع والجزع وعدم الايمان بقدر الله سبحانه وتعالى؟ كم من راحل تقرر له الرحمة ونسكنه الجنات ونغفر له ذنوبه وخطاياه، والانسان معرض للجنة او للنار، حتى قبل الغرغرة.. الم يقل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى ما يكون بينه وبينها الا باع او ذراع.. فيسبق عليه الكتاب) والحديث الشريف عندنا جميعا، نعرفه ونعرف معانيه.. فلا عصمة لانسان، والموت كأس نذوقه جميعا ولكل اجل كتاب.. فلماذا نحمل اولئك المساكين فوق طاقتهم من نفاقنا الاجتماعي البغيض، هل المناشير والصفحات المسودة بالحبر التي تكلف اكواما من المال تقرر مصير الراحل كيف لو كان ثمنها لقيمات الطعام في اجواف جائعة تدعو وتتضرع لله عن روح الراحل ان يرحمه الله ويغفر له، والله يحب دعوة الضعفاء والمساكين، فهم احباب الله.. وليس الجبابرة والظالمين، الم يتمنى عبد الملك بن مروان لو كان غسالا يعصر قطعة غسيل ولا كان ذلك الخليفة والملك الذي بسط ملكه على اسيا وافريقيا واجزاء من اوروبا، وعبده الحجاج هو الذي هدم الكعبة المشرفة؟ ارحموا امواتكم ولتبق ارجلهم على مقاسها ولا تطولون قاماتهم، فهم احوج الى رحمة الله من نفاقكم وظنكم بصيت العلالي.. فالصيت العالي هو العمل.
المفضلات