الحب والموبايل
... كم يوجد موبايل في الاردن؟ بمعنى آخر كم يوجد خط هاتفي خلوي؟ العدد على اقل تقدير يفوق مليوني خط.
... السؤال الآخر كم نصرف على الثرثرة والحب.. سويا عبر الموبايل؟ لا شك بأننا نصرف ما يتجاوز فاتورة النفط وثمن البندورة وكلفة الكمبيوتر لطلبة المدارس.. بعبارة اخرى الحب لدينا له ثمن.
... امس تحدث مراهق ربما لا يتجاوز عمره الخامسة عشر، في شارعنا وتحت عامود الانارة مباشرة ما يقارب الـ«45» دقيقة عبر موبايله وكان يكرر كلمة واحدة: «طيب إنت بتحبيني» لا اعرف ماذا كان يرد عليه الطرف الاخر ولكنه سأل هذا السؤال ما يقارب ثلاثين مرة وقال كلاما آخر، «هاتي ايدك امسكها» هل تمسك الايادي عبر الموبايل؟.. لو حسبنا فترة حديثه وثمن الدقيقة سنجد انه تحدث بما يقارب الـ«6» دنانير.. وهذا يعني ان ثمن الموعد، او ثمن قبول مراهقة بمسك يدها عبر الموبايل «6» دنانير.. يا ترى كم يحتاج هذا المراهق من الوقت للحصول على قبلة عبر الموبايل لا شك ان المبلغ سيتجاوز الخمسين دينارا.
... هناك خلل سلوكي لدينا اسمه الموبايل وخلل آخر اسمه حب الثرثرة عبر الموبايل لدرجة اننا صرنا شغوفين أحيانا بالانزواء في ركن ما والهمس عبر الموبايل، لدرجة ان المعايير الاخلاقية لدينا ايضا «فرطت» لا بل «سحلت» وصارت «دوشرة» بسبب الموبايل زمان كنا مثلا نحتاج لعام من اجل الحصول على موعد غرامي، الان نحتاج لدقيقة من اجل ذلك.
... ماذا لو قرر كل اردني ان يوفر يوميا نصف دينار، من فاتورته.. هذا يعني اننا سنحصل يوميا على مليون دينار فائض، وسنحصل شهريا على 30 مليون دينار، نستطيع من خلالها ان نسلح 3 كتائب عسكرية او نفتح مصنعا، او ندفع مهر 30 الف عروس.. كل هذا نستطيع فعله فقط اذا وفرنا مكالمة بنصف دينار.
... احيانا يكلفنا التباهي مئات الالوف فأنت حين تشاهد صبية جميلة تهاتف حمودة مثلا وتبدأ بالحديث على مسمعها «والله اني معجب فيك يا حمودة».. «بصير نحكي معك يا حمودة».. «حمودة انا بحبك» وأحيانا «حمودة خذ رقم موبايلي سجلو».. بعبارة اخرى على عينك واسمعي يا جارة.
... لدينا ترف في الحب والثرثرة.. لقد دمر الموبايل اجمل عذابات الحب لدينا.. زمان كنا نجوب الشارع ذهابا وايابا الف مرة من اجل نظرة، كنا نكتب رسائل ونقذفها داخل سور الحديقة، كنا نتلوع الان اختلف كل شيء صار الموبايل يختصر حزن العشاق وحلاوة حبهم.
...الموبايل.. الموبايل.. لقد خرب لدينا أحلى الاشياء وهو الحب.
المفضلات