ألا ليت شعري: هل يرى الناسُ ما أرى
........................................ . من الأمْرِ أوْ يَبدو لهمْ ما بَدا لِيَا؟
بَدا ليَ أنَ النّاسَ تَفنى نُفُوسُهُمْ
........................................ . وأموالهمْ، ولا أرَى الدهرَ فانيا
وإنِّي متى أهبطْ من الأرضِ تلعة ً
........................................ . أجدْ أثراً قبلي جديداً وعافيا
أراني، إذا ما بتُّ بتُّ على هوًى
........................................ . فثمَّ إذا أصبحتُ أصبحتُ غاديا
إلى حُفْرَة ٍ أُهْدَى إليْها مُقِيمَة ٍ
........................................ . يَحُثّ إليها سائِقٌ من وَرَائِيا
كأني، وقد خلفتُ تسعينَ حجة ً
........................................ . خلعتُ بها، عن منكبيَّ، ردائيا
بَدا ليَ أنّ اللَّهَ حَقٌّ فَزادَني
........................................ . إلى الحَقّ تَقوَى اللَّهِ ما كانَ بادِيَا
بدا ليَ أني لَستُ مُدْرِكَ ما مَضَى
........................................ . ولا سابِقاً شَيْئاً إذا كان جائِيَا
وما إن أرى نفسي تقيها كريمتي
........................................ . وما إن تقي نفسي كريمة َ ماليا
ألا لا أرى على الحَوَادثِ باقِياً
........................................ . ولا خالِداً إلاّ الجِبالَ الرّواسِيَا
وإلاّ السّماءَ والبِلادَ وَرَبَّنَا
........................................ . وأيّامَنَا مَعْدُودَة ً واللّيالِيَا
أراني إذا ما شئتُ لاقيتُ آية ً
........................................ . تذكرني بعضَ الذي كنتُ ناسيا
ألم ترَ أنَّ الله أهلكَ تبعاً
........................................ . وأهلكَ لقمانَ بنَ عادٍ، وعاديا
وأهلكَ ذا القرنينِ، من قبلِ ما ترى
........................................ . وفرعونَ أردى جندهُ، والنجاشيا
ألا لا أرَى ذا إمّة ٍ أصْبَحَتْ بِهِ،
........................................ . فتَترُكُهُ الأيّامُ، وهْيَ كما هيا
مِنَ الشّرّ، لو أنّ امرأً كان ناجِيا
........................................ . من العيشِ، لو أنّ أمرأً كانَ ناجيا
وأينَ الذينَ يَحضُرُونَ جِفَانَهُ،
........................................ . إذا قدمتْ ألقوا، عليها، المراسيا
رَأيْتُهُمُ لم يُشْرِكُوا، بنُفوسِهِمْ،
........................................ . مَنِيّتَهُ، لمّا رَأوْا أنّها هِيَا
فَساروا لهُ، حتى أناخُوا، بِبابِهِ،
........................................ . كِرامَ المَطايا والهِجانَ المَتالِيَا
فقالَ لهمْ خيراً، وأثنى عليهمُ
........................................ . وودعهمْ، وداعَ أنْ لاتلاقيا
وأجْمَعَ أمْراً كانَ ما بَعدَهُ لَهُ،
........................................ . وكانَ إذا ما اخلولجَ الأمرُ ماضيا
زهير بن ابي سلمى
المفضلات