لمحاصرة العرب شرقاً و غرباً وشمالاً و جنوباً
دأبت الحكومة السعودية خلال السنوات السبع الأخيرة على اقامة منشآت عسكرية ضخمة باهظة النفقات تشمل المدن العسكرية والقواعد الجوية وأحواض السفن ومستودعات الوقود ومراكز المراقبة والتحكم ... إلخ. وقد اشترت ومازالت تشتري الصفقات الضخمة، من أحدث الأسلحة المتقدمة، والتي تعجز قواتها المسلحة عجزاً كاملاً عن استيعاب شىء منها!
إلا أن المفارقة الغربية ــ بين ضخامة الانفاق وبين تفاهة الزيادة في عدد القوات المسلحة وكفاءتها تثير التساؤلات، وتحير المحللين!!
والحقائق تقول: إن ما أنفق خلال السنوات الماضية على صفقات السلاح تجاوز مئات البلايين من الدولارات بينما لم يزد حجم القوات المسلحة السعودية بأكثر من خمسة آلاف ومائتي فرد فقط، أي بمعدل سنوي لايتجاوز سبعمائة وأربعين فردا تقابل هذا الإنفاق الرهيب!
وأخطر ما في الأمر أن الحكومة السعودية تعتمد اعتماداً كلياً على الأمريكيين في تشغيل هذه الأجهزة، وصيانتها بحيث تبدو السعودية وكأنها قاعدة أمريكية يوجد بها حالياً ثلاثين ألفاً من الأمريكيين، مابين عسكريين وفنيين وخبراء في الصناعات الحربية، يتولون أعمال الإنشاء، الصيانة، وإدارة الأنظمة العسكرية المتقدمة في حالات كثيرة. وفي تقدير الخبراء والمحللين العسكريين أنه مع وصول طائرات ف -15، وطائرات الأواكس، وحاملات الوقود لتزويد الطائرات في الجو، والسفن الحربية الست عشرة، وصواريخ وكلها من الولايات المتحدة، مضافاً إليها بالإضافة إلى كميات هائلة من المعدات والأجهزة العسكرية الأخرى طلبتها السعودية من الولايات المتحدة الأمريكية وتنتظر قرار الموافقة عليها، مع وصول هذه الحشود فإن عدد الأمريكيين الذين سيقدمون معها وتحت ستارها سوف يصل إلى مائة ألف.
إن المدن العسكرية الضخمة، والقواعد الجوية، وأحواض السفن، والمخازن والمستودعات، ومراكز المراقبة والتحكم، وغيرها من المنشآت التي تقيمها السعودية تحت الهيمنة الكاملة للولايات المتحدة، حيث يتولى العمل فيها فيالق كثيفة من سلاح المهندسين الأمريكي، هذه المنشآت الضخمة والمتقدمة لايمكن أن يكون القصد منها أن تستخدم بواسطة القوات المسلحة السعودية لأنها أعجز من أن تستوعبها، فضلاً عن أن تقوم بتشغيلها، وإنما تقام لتستخدمها قوات الانتشار السريع الإمريكية والتي سيصل حجمها في تقدير الخبراء إلى مائتي ألف.
إن (ولاء) الحكومة السعودية التام للولايات المتحدة واعتمادها عليها قد جردها تماماً من حرية اتخاذ القرار.
وليس أدل على ذلك من موقف السعودية أثناء غزو لبنان حيث كانت الادارة الأمريكية منغمسة فيه كشريك كامل في الجريمة، والمجازر مستمرة تحصد آلاف الأرواح البريئة من أطفال ونساء وشيوخ، ولم تستخدم السعودية مابيدها من وسائل الضغط على أمريكا كسلاح البترول، وأرصدة الودائع، والتي تبلغ قيمتها مئات البلايين من الدولارات ...إلخ. ليس لذلك من تفسير سوى أن السعودية فقدت إرادتها وحريتها في اتخاذ القرار نتيجة لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على شؤون النظام وسياساته، وهذا ما جعل السعودية أداة طيعة في يد أمريكا وسياساتها!!
لقد وصف دبلوماسي أوروبي هذا الوضع المخزي والمهين الذي وضع النظام السعودي الحاكم نفسه فيه وصفاً موجزاً بليغاً نقتبسه هنا بنص عبارته، قال:
«من الآن فصاعدا، فكل القرارات السعودية سوف تصنع في واشنطن!!».
المفضلات