lبعد اعتذاره وتراجعه عن الفتوى
الازهر يطيخ بصاحب فتوى »إرضاع زميل العمل«
قدّم د. عزت عطية, رئيس قسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين جامعة الأزهر, اعتذراً عن فتواه التي قال فيها ب¯»إرضاع المرأة زميلها في العمل« لمنع الخلوة الشرعية بينهما معتبرا أنها كانت لواقعة خاصة وأن الرضاعة بالصغر هي التي ثبت بها التحريم.
وأكد عطية في بيان وقعه ووزعته الجامعة أن ما أثير حول موضوع ارضاع الكبير كان نقلاً عن الأئمة ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وأمين خطاب وما استخلصه من كلام ابن حجر.
وأضاف عطية أن الرأي عنده أن الرضاعة في الصغر هي التي ثبت بها التحريم كما قال الأئمة الأربعة, وأن رضاعة الكبيرة كانت لواقعة خاصة.
وقال إن ما أفتى به كان اجتهادا وبناء على ما تدراسه على اخوانه من العلماء معتذرا عما بدر منه قبل ذلك, ورجع عن هذا الرأي الذي يخالف الجمهور.
وكانت الفتوى قد أثارت أزمة في أوساط رجال الدين والمجتمع والسياسيين, وقامت جامعة الأزهر بعد الضجة الإعلامية التي حدثت بسبب هذه الفتوى بتشكيل لجنة برئاسة الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس قسم الحديث الأسبق بالكلية وعضوية عدد من أساتذة الحديث بالجامعة; لمراجعة الدكتور عطية عن فتواه.
وصرّح مصدر مسئول بالجامعة أن جامعة الأزهر كانت تستعد لاتخاذ إجراء مع الدكتور عزت نتيجة فتواه المثيرة للجدل, كما أن رئيس الجامعة قد صمم على أن يكون هناك اعتذار على تلك الفتوى وعلى وجه السرعة.. حسب تعبير المصدر.. وبالفعل قام الدكتور عزت بكتابة الاعتذار.
كما قرر المجلس الأعلى للأزهر ايقاف الدكتور عطية عن عمله وإحالته إلي مجلس التأديب للتحقيق معه حول فتواه, وجاء القرار في وقت شنّ وزير الأوقاف المصري محمود حمدي زقزوق هجوماً عنيفاً على فتوى أخرى لمفتي مصر الدكتور علي جمعة, أكد فيها أن الصحابة كانوا يتبركون بشرب »بول« الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأصدر المجلس الأعلى للأزهر - وهو أعلى جهة إدارية تابعة لمشيخة الأزهر في مصر- بيانا اعتبر فيه أن ما جاء على لسان عطية يتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف ويخالف مبادئ التربية والأخلاق ويسيء إلى الأزهر كمؤسسة إسلامية مرموقة'.
وذكرت مصادر بالأزهر أن الدكتور عزت عطية خضع لجلسات تحقيق سيمثل بعدها أمام مجلس التأديب بالجامعة, وتتوقع المصادر أن تتم اقالة عطية من منصبه الحالي كرئيس لقسم الحديث بكلية أصول الدين بالأزهر على إثر هذه القضية.
انقسام علماء الأزهر
لكن يبدو أن قرار الوقف لم ينهِ القضية, إذ اختلفت ردود فعل علماء الأزهر حوله, خاصة مع تراجع صاحب الفتوى عن فتواه, وقال عضو مجمع البحوث عبد المعطي البيومي بأن الاعتذار السريع عن الفتوى كان كافياً, لأن الرجوع عن الحق فضيلة', وقال: طالما اخطأ العالم واعترف بذلك فواجبنا أن نتعامل بالرحمة والرفق معه, فكل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون, هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فضلا عن آيات قرآنية كثيرة تدعو إلى كظم الغيظ والعفو.
واعتبرت العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر سعاد صالح أن الخطأ في الفتوى شيء وارد, وقد أخطأتُ في بعض الفتاوى وتراجعت عنها وليس في هذا عيب, لأن الخطأ الحقيقي هو الإصرار على الخطأ, أما الرجوع والاعتذار كما فعل الدكتور عزت فهذا أمر محمود'.
لكن وزير الاوقاف المصري أيد القرار, مؤكدا 'حرص المؤسسة الدينية في مصر على القيام بدورها فى التوعية الدينية الصحيحة وتصحيح أي مفاهيم شاذة نتيجة الخلط الذي تحدثه فوضى الفتاوى.
وأوضح الوزير في بيان أصدره ان فوضى الفتاوى وعدم انسجامها مع العقل والفطرة الإنسانية أكثر خطرا على الإسلام من خصومه, واصفا هذه الفتوى ومثيلاتها بأنها تمثل انحدارا في الفكر الديني, الذي ينير العقول ويسمو بفكر المسلمين ولا يجرهم إلى التخلف والجهل ومنافاة قواعد الذوق العام,. وطالب العلماء والدعاة الذين يتصدون للإفتاء بأحكام عقولهم في كل ما يقولونه ويقرأونه كي يتفق ذلك مع العقل وصحيح الدين والابتعاد عما يشكك الناس في دينهم, والعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى العامة خاصة ما يتعلق بالجانب السلوكي وحثهم على العمل والإنتاج.
فتوى »شرب بول الرسول«
من جهة ثانية, هاجم وزير الأوقاف المصري الفتوى التي تحدثت عن »شرب بول الرسول«, معتبراً إياها »إساءة« واضحة للنبي صاحب الدعوة, الذي كان نقياً في كل شيء ولا يقبل مطلقاً بهذه التخاريف.
واعتبر أن الموضة الجديدة هذه الأيام هي الإساءة للإسلام من أبنائه وأتباعه, وأضاف: ليس كل ما هو موجود في الكتب التراثية القديمة صحيح ومسلم به وإنما لابد أن نعمل عقولنا فيما نقرأ, فقد نجد في هذه الكتب أشياء تخالف العقل الإنساني فلا يجب أن نقولها أو يذكرها أي داعية لأنها تسيء للرسول صلى الله عليه وسلم إساءة بالسنة وهو بريء من كل هذا الغثاء, الذي يقال عنه براءة الذئب من دم ابن يعقوب وعلينا أن نتقي الله في هذا الدين وفي الرسول صلى الله عليه وسلم ونختار ما نقوله للناس.
وتساءل: هل انتهت كل المشاكل في العالم الإسلامي ولم يعد غير فتاوي »التبرك بشرب بول الرسول« و»إرضاع الكبير«? هذه الفتاوي تمثل انحداراً شديداً وتدفع الناس للتخلف والجهل كما أنها لم تراع وتحترم قواعد الذوق العام ونحن نربأ بالدين أن يصل لهذا الحد.
المفضلات