ما زالت بعض التخصصات التي تُدرَّس في جامعاتنا اليوم تفتقد إلى الأسس العملية والمنهجية في اختيار الطلبة الذين سيدرسون تلك التخصصات؛ فالقدرات الشخصية والرغبة، أو متطلبات سوق العمل، لم تعد أسساً يأخذ بها الطالب لدى تسجيله في الجامعة. وباتت النظرة الاجتماعية وطموح الأهل تطغى على ميول ومعدل الطالب ورغبته وهذا -بحسب مختصين- سبب مباشرٌ في تدني تحصيل الطالب الأكاديمي.
من هنا جاءت الفكرة في تحديد امتحانات خاصة بقبول الطلبة في تخصصات (القانون، الشريعة، والصحافة والإعلام) كونها تخصصات تحتاج قدرات فردية وثقافة واطلاعاً واسعين لا يمكن توافرها عند جميع الطلبة.
وأشارت راما غسان -طالبة في كلية الحقوق- إلى أن ارتفاع معدلات القبول في بعض التخصصات يحبط من طموح الطالب بالدرجة الأولى، كون الثانوية العامة ليست مقياساً لتفوق الطالب في تخصصه أو النجاح في العمل والوظيفة المستقبلية.
وعارض محمود عمر -طالب في كلية الشريعة- فكرة تدني المعدل ودخول أي كان للتخصص لكون هذا يسلب حقوق الطلبة المتفوقين والحاصلين على معدلات مرتفعة.
في الوقت ذاته قال محمد القاضي- طالب في كلية الصحافة والإعلام- إن وضع امتحانات للقبول في تخصص الصحافة والإعلام فكرة جيدة ويجب البدء بتنفيذها مباشرة لأن بعض الطلبة لا يملكون الحس الصحفي أو القدرة على الكتابة والإبداع، وإنما تم اختيارهم لهذا التخصص حسب معدلاتهم فيكون دخولهم في هذا التخصص غير مفيد.
وأضاف ''هناك بعض الثغرات التي تواجهنا في دراسة التخصص، مثل فقدان الجانب العملي وإهماله بشكل كبير بالرغم من أن الصحافة تعتمد على الجانب العملي أكثر من الجانب العلمي دون إغفاله''.
لكن كامل زياد يرى أن تجنب هذا الإرباك المتكرر في كل عام ممكن من خلال توعية الطلبة بماذا يعني القبول وكيف يتم، وأن يعرف الطالب ما هي الحدود الدنيا لكل تخصص ولو بشكل تقريبي وأن يحرص على تعبئة الخيارات الموجودة لديه.
كما أكد ضرورة تضافر جهود المؤسسات التعليمية في توعية الطلبة خلال عامهم الأخير في المدرسة عن طريق وسائل الإعلام والنشرات التوعوية والمحاضرات بالمرحلة المقبلة وماهي آلية الالتحاق بالجامعة ومتطلباتها.
ودعا زياد إلى توسيع دور اللجان المشرفة على التسجيل ليصبح دورها توجيهياً إرشادياً للطلبة الجدد، وتنبيههم بما سيحصل مستقبلاً.
وبحسب رأي سارة هادي (طالبة في الجامعة الأردنية) أن هذا الارتفاع في معدلات القبول سيؤدي إلى طمر العقليات ورفع مستوى التخلف عن الدراسة لأنه يوجد كم من العقليات المميزة الذين يمرون بظروف صعبة نسبياً في مرحله الثانوية مما يؤدي إلى انخفاض معدلاتهم بشكل أو بآخر.
من جهته قال نائب العميد لشؤون التطوير في كلية الشريعة/الجامعة الأردنية الدكتور عدنان العساف إن معدل التوجيهي ليس مؤشراً إلى نجاح الطالب في تخصصه لأن الطالب في مرحلة التوجيهي يمر بعدة تحديات أولها اجتماعية تحد من أدائه والأخرى أكاديمية تحد في غالب الأحيان من قدرات الطالب وأدائه أثناء الامتحان، ولفت الانتباه إلى أن التوجيهي مرحلة مختلفة تماماً بتفاصيلها عن المرحلة الجامعية، لكن لابد من تجاوزها لتحقيق متطلبات الالتحاق بالجامعة اليوم، في الوقت الذي يتوجه الطلبة اليوم نحو تخصصات لا يرغبونها في غالب الأحيان لكون معدلاتهم لا تسمح لهم بذلك.
واقترح د.العساف أنه في حال رغب الطالب الالتحاق بأحد الأقسام تحديد امتحان مستوى يحدد أداءه مستقبلاً ويقيس معلوماته العامة. وزاد قائلاً: إن حقل الشرعية أو القانون يختلف عن العلوم التطبيقية الأخرى كونها تحتاج مهارة وحرفية في الأداء أثناء الممارسة أكثر من غيرها من التخصصات.
أما بالنسبة لطلبة الصحافة والإعلام فيرى أن التخصص يهتم بالجانب العملي والتطبيقي والموهبة الشخصية وليس للمعدل أي اعتبار لكون الطالب لا يتمكن من إنهاء الجامعة إلا بمتطلباتها الأساسية والتي تحتاج الكثير من المثابرة والمتابعة من الطالب ليتمكن من تجاوزها.
في حين ترى المؤسسات التعليمية أن الهدف من رفع معدلات قبول الطلاب هو الحصول على مخرجات ومدخلات جيدة إضافة إلى أن هناك هدفاً جوهرياً هو توجيه الطلاب نحو التعليم العالي حيث أن الطلبة الذين تقل معدلاتهم عن 70% يجدون فرصة في التوجه للتعليم التقني الحرفي الذي شهد عزوفاً في الفترات الأخيرة.
إلا أن أحد خريجي تخصص الصحافة والإعلام عارض رأي الدكتور العساف بالقول: إن تخصص الصحافة والإعلام من أخطر التخصصات الجامعية ولا بدَّ من أن يتم اختيار المقبولين بهذا التخصص ضمن أعلى المعدلات لأن من يعمل في مهنة الصحافة تقع عليه مسؤولية اجتماعية كبيرة تجاه وطنه؛ فالصحافة في كثير من الأحيان توجه الرأي العام وتقوده وبالتالي من يعمل في هذه المهنة لا بدّ أن يكون من المتميزين.
المفضلات