أنت ساحر وأنت كذلك ساحرة الطلعة
كلنا نمتلك من السحر نصيب، بعضنا سحره نافذ و بعضنا ما زال مختبئاً خلف نظارة سوداء أو شفاه مقفلة، وكل سحر تمتلكه يسكن عادة في مكان ما من شخصيتك عليك أن تعرفه وتستثمر الفوائد الجزيلة التي يعطيها، وإلا فأنت لا تفقه شيئاً من فن الحياة وستكون كمعدم يعيش في كوخ تحته كنز مدفون.
بعض الأشخاص عندما ينضمون إلى مجموعة ما تشعر بقوة تواجدهم وبتأثيرهم الذي يبدو جلياً في حين قد لا يحدث شخصاً آخر هذا التأثير أو قد يظن أنه لم يحدث أي تأثير عندما انضم إلى ذات المجموعة وهذا ما يجعلك تقول إن فلان مؤثر أو فلان له شعبية أو طاغي الشخصية دون غيره، لكن هل تعتقد فعلاً أن تأثير الشخصية صفة يمتلكها أناس دون غيرهم؟ أم أن البعض تعلم واكتسب كيفية التأثير في الآخرين نتيجة تمارين سرية قام بها خفية عن الآخرين؟
الحقيقة السارة أن التأثير صفة عامة موجودة عند الجميع دون استثناء، تظهر في حياة كل شخص مهما كانت مكانته الفكرية والاجتماعية والسياسية إلا أن شكل ومدى التأثير هو الذي يختلف بين قوي و ضعيف، سلبي و إيجابي، آني ومستمر ...الخ.
كل فرد منا يؤثر في من حوله سواء عن وعي أو دون وعي بواسطة إشعاع خاص يمتد على مسافة قد تطول أو تقصر حسب الشخص و الموقف وهذا ما أطلق عليه اسم المغناطيسية الشخصية إذ كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حقيقة تقول أن لكل امرئ مغناطيسه الشخصي الذي يختلف من فرد لآخر وهناك من أطلق عليه أسماء أخرى كالهالة، الطاقة، الإشعاع ... الخ مهما يكن الاسم فقد لاقت هذه الحقيقة القبول والإجماع. إن هذه الهالة المغناطيسية أو أسمها إن شئت الطاقة تنبع من روحك، تتغذى من أعماقك، من نفسك، ومن فكرك، لذا فإن غذيت نفسك وصقلت فكرك وجمّلت روحك بالحب والصفاء والنقاء و الثقافة الراقية فإنك ستحسن استثمار هذه الطاقة وتنميتها لتصبح أكثر إشعاعاً وأكثر نفعاً وإيجابية وتأثيراً في الناس، فأنت وليد أفكارك وأقوالك الماضية، وتصرفاتك و إنجازاتك هي من تترجمك وتحكي عنك أفضل من لسانك وهندامك،وعلى ذلك فإن أفكارك وأقوالك وأعمالك الآن هي التي تنسج مستقبلك وتحدده فإذا تعلمت كيف تَحكُم تلك الطاقة التي تملكها شخصيتك فإنك ستتعلم كيف تُحكِم نفوذك وتأثيرك في الناس، ولكن انتبه!إن نبل الأخلاق وحمدها لا يكفي لامتلاك طاقة عظيمة كالبركان إذ أن هذا وحده يعطي انسجاماً في الشخصية وطاقة لطيفة تؤثر في الآخرين بهدوء أما إن أردت امتلاك تلك الطاقة الهائلة أو المغناطيسية الشديدة فعليك أن تملك إلى جانب حسن الخلق و نبله، قوة الإرادة والعزيمة والشدة والحزم، وهكذا فإنه بيدك أنت أن تصل إلى ما تريد وتطمح إليه وتصبح محبوباً ومؤثراً وتتمتع بجاذبية كجاذبية الأرض أو أن تقبل بجاذبية مغناطيس لا يقوى سوى على جذب بعض الدبابيس الصغيرة وذرات الغبار و تبقى طيلة حياتك متأثراً بدلاً من مؤثر و منفعلاً بدلاً من فاعل.
كيف تفعّل هذه الطاقة لتجعل من نفسك محبوباً بين الناس ؟
سبق وأخبرتك أنك وليد أفكارك وأقوالك وتصرفاتك وأنك بها ترسم مستقبلك وتحدد حجم تواجدك وتأثيرك بين الناس، ومع ذلك فأنت تحتاج إلى بعض القواعد التي تنطلق منها لتصبح محبوباً و مؤثراً بين الناس:
- عليك أولاً أن تكون مستعداً للعطاء، عطاء الفرح و المشاركة و الشعور بالآخر، عطاء صادق من القلب كعطاء الحياة و تذكر أن الناس تكره الذي يأخذ دائماً ولا يعطي.
- تجنب الغرور و إياك أن تجعل ثقتك بنفسك تصل إلى حد التعالي و الاستخفاف بالآخر مهما كانت مكانته.
- لا تعامل الأشخاص الذين يهمك أن تقضي معهم وقتاً بسلوك معين ثم تتبع سلوكاً آخر مع بقية الناس ،أو تهمل موعداً مع شخص أقل أهمية بالنسبة إليك من آخر قابلته للتو .
- راع الأعراف و الأصول فيما يتعلق بآداب السلوك وتجنب البخل فهو مرض معيب و لا تتدخل في شؤون الغير و لا تثقل على الآخرين وخاصة عندما يكونون في حالة ضجر .
- اختر الكلام الذي يكسبك صداقة الجميع واجعل علاقاتك مملوءة بالحماس والإخلاص والمشاركة الوجدانية، ولكي تزيد من دائرة أصدقائك ومحبيك حاول أن ترى الدنيا من منظار الناس الذين تسعى لكسب صداقتهم فالناس تتآلف مع بعضها عندما تتشارك ذات الاهتمامات وتتكلم نفس اللغة و تضحكها نفس المواقف أو النكات.
- نمّ مواهبك الخاصة و زد من مهاراتك قدر ما تستطيع حتى تشعر بجدارتك وأهليتك في المجتمع.
- لكل منا أخطاؤه وعاداته السيئة فحاول اكتشافها والاعتراف بها ثم اعمل على تغييرها وتعلم العدل ولو على نفسك و كذلك سلامة الطبع فلا شيء قد يؤذي الإنسان مثل الطبع السيئ وخصوصاً الغيبة و النميمة فاحذرهما.
- تعلم النقد البناء بأسلوب رقيق غير مزعج وتجنب النقد الهدام واحرص على حبل الصداقة من الانقطاع نتيجة توجيه اللوم ونقد الأخطاء المستمر،يقول مارك توين فيما يخص اختيار الكلمات" الكلمة الصحيحة هي القوة الفاعلة. وكلما وقعنا على إحدى تلك الكلمات الصحيحة جداً يصبح التأثير الناجم عنها بدنياً بالإضافة إلى كونه روحياً، سريعاً وكأنه الكهرباء"
- كن عفوياً صادقاً وعلى سجيتك وابتعد عن التكلف و التظاهر بما لست عليه لأن الحقيقة لا تخفى عن الناس ولن يعود عليك التظاهر إلا بكراهية الناس و ابتعادهم عنك وفقدان ثقتهم بك.
كيف تترك الانطباع الجيد لدى من تقابلهم لأول مرة؟
ابتسم للدنيا تبتسم لك:
ثمة مثل صيني قديم يقول "من لا يعرف كيف يبتسم لا ينبغي له أن يفتح دكاناً " وعن هذا المثل قرأت قصة عمال في أحد محلات باريس التجارية الكبيرة إذ طالب هؤلاء بزيادة أجورهم فرفض صاحب العمل وأصر،فما كان منهم إلا أن اتفقوا على أن يعبسوا في وجوه الزبائن انتقاماً من صاحب العمل وكانت النتيجة أن أدى ذلك إلى انخفاض نسبة المبيعات في الأسبوع الأول إلى أقل من النصف! وعن الابتسامة حدثتني إحدى الصديقات قالت: دعيت يوماً إلى حفل خيري أقامته جمعية انتسبت إليها حديثاً، فذهبت وكنت لا أعرف أحداً لذا وجدتني عابسة أخفي شعوري بالخجل و الغربة خلف عبوسي إلى أن مرت من أمامي مجموعة فتيات يضحكن ويتبادلن السلامات والإطراءات فوقفت إحداهن أمامي وسألتني لماذا أنت حزينة؟ أرجوك أن تبتسمي لأجلنا. و مضت بعيداً، أدهشني كلامها إلي ووجدت نفسي أبتسم فعلاً والغريب أن مشاعر الغربة و الوحشة التي كانت تعتريني قد اختفت فعلاً وأصابتني حالة سعادة حتى أني شعرت بارتياح واسترخاء ينتاب عضلات وجهي التي كانت مقطبة طيلة الوقت. إن ما وصفته هذه الصديقة لي صحيح بالتأكيد والدليل على ذلك شعورها براحة عضلات الوجه عندما ابتسمت لأن حقيقة علمية لا تخفى عليكم تقول أن الإنسان عندما يبتسم تشترك في وجهه ثلاث عشرة عضلة و لكن عندما يعبس فإن سبعاً وأربعين عضلة تقوم بالعمل فلماذا نجهد أنفسنا بالعبوس و نكلف أعصابنا وعضلاتنا التعب والعناء. إن البسمة الجميلة الصادقة تزيد الوجه جمالاً وإشراقاً و تشيع البهجة والسعادة حولها وتدخل جميع القلوب وهي تنتقل كالعدوى من المبتسم إل الآخرين.
سحر الكلمة الطيبة
بالكلمة الطيبة نفتح القلوب المغلقة ونخترق الأبواب الموصدة، ونقدم الترياق لأصحاب القلوب الحزينة والخواطر المكسورة، للكلمة الطيبة عمل السحر الغريب يؤثر في الناس جميعاً وخاصة أولئك الذي يقومون بأعمال روتينية مجهدة دون أن يتوقعوا كلمة شكر أو استحسان من أحد كسائق باص النقل العام، ونادل المطعم، وعامل النظافة.
هل دخلت يوما ً منزلك فوجدته نظيفاً مرتباً و تفوح من مطبخه روائح الطعام الشهية فأثنيت على أمك التي تقوم بأعمال المنزل و الطهي كل يوم دون أن تنتظر منك كلمة شكر علماً أنها ستنسى كل تعبها و إجهادها عندما تسمع منك كلمة شكر صادقة؟.عندما أصدرت كتابي الأول لم أكن راضية عنه لكن في أحد الأيام وردني اتصال من شاب مجهول يسألني عن الجزء الثاني من الكتاب و يشكرني على الجزء الذي أصدرته، لقد كان اتصال أي أحد غير متوقع من قبلي و لم أكن أنتظر أن يشكرني أحد على مجهودي الذي بذلته لكن الصدق أقول، فاجأني وأسعدني شكره وأعطاني دفعاً وتصميماً على إصدار الجزء الثاني وقد فعلت، ولولا كلمات الثناء والشكر التي سمعتها فيما بعد لما امتلكت الشجاعة والتصميم على الاستمرار والمضي قدماً. أمعن التفكير في الآية الكريمة " لئن شكرتم لأزيدنكم" ثم جرب أن تعتاد على شكر كل إنسان بذل مجهوداً في عمله مهما كان صغيراً حتى لو كان هذا المجهود مقابل أجر يتقاضاه. الكلام الطيب له سحره والثناء مطلوب في حياتنا اليومية إنه كالوقود يرفع من القدرة على العمل واحتمال الضغوط أكثر، ولكن أثن بصدق بعيداً عن الرياء واستعمل الكلمة الجميلة النابعة من القلب و لتكن مجاملتك حقيقية موجودة فعلاً في الآخر.
تذكر الأسماء
تذكر الأسماء الأولى للناس ومناداتهم بها من أهم قواعد التأثير في الآخر فأنت عندما تنادي الآخر باسمه الأول تكون قد أوصلت له رسالة عن أهميته وتميزه الذي جعلك تحفظ اسمه وهذا بحد ذاته يدخل الغبطة إلى قلبه ولكن شرط أن لا يكون الشخص الذي تناديه أعلى منك مركزاً أو سناً لأن ذلك سيكون غير لائق وغير مرضي. لقد وعى الذين يعملون في مجالات العلاقات العامة والاتصالات أهمية هذه القاعدة فعملوا على حفظ عدد كبير من الأسماء ،يمكنك أنت أيضاً أن تتعلم حفظ الأسماء وإن حدث ونسيت اسم أحدهم أخرج نفسك من الموقف بذكاء وتصرف بلباقة بحيث لا يشعر أحد بالحرج .
منقول
المفضلات