بسم الله الرحمن الرحيم
أمك، أمك، أمك !!
لي صديق ، كثيرا ً ما يحيّرني بتساؤلاته وملاحظاته؟! فبين الفينة والأخرى يخرج علي بقصة ٍ يُلحقها بتساؤل أقف صامتا ً حائرا ً أمامه، إجابته سهله، لكني لا أجدها؟!
ففي هذه المرة خاطبني قائلا ً : هل تعلم أني أصبحت أغير الطريق التي اذهب من خلالها من المكتب إلى العمل، واصبحت ُ اسلك طريقا ً أخرى؟
فأجبته مبتسما ً، جيد، يعني وجدت طريقا ً اقصر؟ فقاطعني قائلا ً : لا لا، بل ان الطريق الجديد يزيد 100 م عن الطريق القديم. فقلت ، اها ممكن هذا الطريق أسهل وأكثر راحة ً في السير. فأجاب: لم يتغير شيء فالطريق ذاته من حيث السلاسة والسهولة، فخاطبته مستغربا ً متهكما ً ، اذا ً لما غيرت الطريق ، أم أنك تحب السير تحت أشعة الشمس؟! فقال لي سأخبرك السبب.
وهنا بدأت المأساة.
قال لي ، في كل يوم ، وأثناء عودتي من المحكمة للمكتب ، أمر على مكان توجد فيه امرأة مسنة، لا يقل عمرها عن الخمسين عاما ً، وفي كل ِّ يوم ٍ أراها في حالة يندى لها جبيني ، وتغرورق لها عيوني ، ويحترق قلبي اسى ً عليها! فتارة ً أراها تجمع علبا ً معدنية ، وتارة ً أخرى أراها تبحث في حاوية النفايات وهي في سباق مع الزمن فيما بينها وبين القطط، من يصل لفريسته اولا ً !
ف ت ق ط ع قلبي اسى ً ، واغرورقت عيناي بالدموع ، وبت ُّ اكلم ُ نفسي حائراً متسائلا ً ؟ لماذا هي هنا؟! ولماذا ليست الآن في بيتها تجلس على اكف الراحة، مصحفها بيدها اليمنى، والسبحة باليد الأخرى؟ لماذا ؟! أين والدها؟! ربما توفي . أين إخوتها، بل أين أبنائها؟!
هل هذه المرأة هي ذاتها التي اخبرنا الحبيب محمد أن الجنة تحت قدميها؟ أم أنها ليست هي ؟!
هل هي من قضى الله بأن لا نعبد ألا هو َ وبها احسانا ً أم أنها ليست هي؟!
هل هي من قال بها الحبيب أمك ، ثم أمك، ثم أمك، عندما سئل عن بر الوالدين ام أنها ليست مشمولة؟!
هل هي ذاتها التي احترقت ألما ً في داخلها، ولم تتسع الدنيا لفرحتها عند إنجابها لأبنائها أم أنها ليست هي ؟!
ما ذنبها؟! كي تترك تتصارع مع الحيوانات على لقمة ٍ حتى القطط أصبحت ترغب عنها ولا تطيق مضغها؟!
هل هناك بعد الكفر ذنب؟! ومع ذلك الله أمرنا بالإحسان إلى والدينا ولو أمرانا بالشرك.!
وهنا قاطعته " كعادتي" قائلا ً: ولكن ما علاقة ذلك بالطريق ؟! فصمت َ وتنهد قائلا ً : ساعدتها مرة ، لكني لا استطيع مساعدتها في كلِّ مرة! وفي ذات الوقت لا احتمل رؤيتها وهي في هذه الحال! فوجدت أن الهروب وتغيير الطريق هو أفضل شيء ٍ من الممكن عمله في هذا الحال. فغيرت الطريق معتقدا ً أن في ذلك راحة ً نفسية ، ولا ضير من التعب الجسماني، لكني كنت مخطئا ً فلطالما بدى طيفها في مخيلتي، حتى بتُّ أحقدُ على أبنائها دون أن اعلم من هم!
وحينها ، مسح دمعة ً عن وجنتيه والتفت إلي متسائلا ً : ما رأيك؟ فسألته في ماذا ؟! فقال فيما سمعتْ، فتنهدت ُ وقلت:
لا حول ولا قوة إلا بالله !!!
لنتّق ِ الله في أنفسنا، ولنبرَّ والدينا!!!!
فببرهما ندخل الجنة ، وبعقوقهما ندخل النار!
يا رب أكرم والدي ...... فهما ذوا فضل ٍ علي َّ
فكم وكم سهرا الليالي ...... وكم أملا ً بنيا علي َّ
فلا تخيب ربي رجائي...... ورجاهم يا ربُّ فيَّ
حوارٌ بيننا، لقصة ٍ حقيقية،،،،
بقلمي
المفضلات