متلازمة الإستقلاب..(مقاومة الجسم للأنسولين)
يعتبرهرمون الأنسولين الهرمون الرئيسي الذي يساعدنا في إدخال سكر الجلوكوز في دمنا إلى خلايا جسمنا. ويعتبر سكر الجلوكوز المصدر الرئيسي الذي ينتج عن حرقه الطاقة اللازمة لإمداد جسمنا بما نحتاجه للقيام بوظائفنا اليومية. ولكن في بعض الأحيان تتوقف خلايا الجسم من الإستجابة للأنسولين، وبالتالي نطلق على هذه الحالة لقب مقاومة الأنسولين. فعند حدوث هذه المقاومة، يقوم البنكرياس بإنتاج المزيد من الأنسولين في الدم كردة فعل عكسية لعدم دخول سكر الدم إلى خلايا الجسم، أو بمعنى آخر، فإن الكميات المنتجة من الأنسولين لا تكون كافية حتى تستطيع خلايا الدهن، والعضلات والكبد الإستجابة لهرمون الأنسولين. ويصاحب حالة مقاومة الأنسولين إرتفاع في ضغط الدم، وإرتفاع في نسبة الدهون في الدم (مثل نسبة الكولسترول الإجمالي أو نسبة الدهون الثلاثية (الترابغليسريدات) أو كليهما معا)، بالإضافة إلى زيادة الوزن.
ومن أعراض مقاومة الأنسولين ما يلي: الشعور بالتعب، عدم القدرة على التركيز و التشويش في الأفكار، إرتفاع مستوى السكر في الدم (أو وجوده على الحد الأعلى من المعدل الطبيعي)، إنتفاخ في الأمعاء، الإحساس بالخمول وزيادة الرغبة في النوم خاصة بعد تناول وجبة غنية بالنشويات (كالأرز والخبز)، زيادة في الوزن أو زيادة في تخزين الدهون أو عدم القدرة على خفض الوزن بالرغم من إتباع حميات غذائية معينة، الإرتفاع في مستوى الدهنيات في الدم، الإرتفاع في ضغط الدم، والإكتئاب.
وتشكل عوامل الخطورة البيئة المناسبة لمقاومة الأنسولين، وتشمل هذه العوامل: 1) العوامل الوراثية، مثل إنتشار مرض السكري في العائلة، أو إصابة أحد أعضائها، مثل الأخ، الأخت، الأم، الأب، أو أمراض وراثية تتعلق بتغير جيني ما . 2) الإصابة بسكري الحمل لدى النساء. 3) الإصابة بتكيس المبايض لدى الفتيات والنساء. 4) إرتفاع معدل مستوى سكر الصيام في الدم إلى مستويات أعلى من الطبيعي، أو بموازاة الحد الأعلى من الطبيعي (والمعرف عالميا على أساس 70-100). 5) وجود زيادة في الوزن أو سمنة (أي الزيادة المفرطة في الوزن). 6) وجود تركيز للدهون في منطقة الخصر أكثر منها في منطقة الورك (مثل وجود الكرش). 7) إتباع نظام حياة خامل وغير صحي. 8) تناول بعض الأدوية، مثل الستيرويدات وهرمون البروجسترون. 8) الإرتفاع الشديد في مستوى مخزون الحديد في الدم. 9) وجود أمراض في الكبد.
وغالبا ما تتزامن أعراض مقاومة الأنسولين مع عوامل الخطورة، فهذا لا يعني إن شعرنا بأحد الأعراض المذكورة سابقا، بأن يكون لدينا حالة مقاومة الأنسولين، وإنما يعكس التشخيص الطبي تزامن وجود بعض الأعراض وبعض عوامل الخطورة. ومن الأعراض الإكلينيكية لوجود هذه الحالة هي وجود بقع داكنة اللون على الجلد، والتي غالبا ما تكون في منطقة الجلد خلف الرقبة، وأحيانا قد تتواجد على شكل حلقات. وقد تتواجد هذه البقع في مناطق أخرى في الجسم، كالكوع، والركب، وتحت الإبطين. وقد تتطور هذه الحالة لتصبح حالة ما قبل السكري، ثم قد تسبب السكري من النوع الثاني، إضافة إلى أمراض القلب، إذا لم يتم تشخيصها بدقة، ومعالجتها بشمول.
ولعل من أفضل الطرق التشخيصية لهذه الحالة هو ما نسميه القضاء السكري، ولكنها تستدعي وجود مراكز أبحاث وهي مكلفة جدا. ويعود البديل التشخيصي إلى الفحوصات المخبرية من خلال فحص نسبة السكر في الدم (على أن يكون الشخص صائما لفترة أقلها 12 ساعة)، بالإضافة إلى فحص مستوى هرمون الأنسولين في الدم، وإختبار تحمل سكر الجلوكوز. وعادة ما يكون الفحص المخبري مقرون بجلسة تقييم لوضع الفرد، والتي يتم فيها تحديد عوامل الخطورة، وتثبيت الأعراض، واستعراض نمط الحياة.
ويتبع مرحلة التشخيص مرحلة التدخل الطبي الغذائي والعلاجي والذي يتمحور حول تخطيط برنامج غذائي يتماشى وحالة الشخص الفردية، مع ضرورة التخطيط لجميع العناصر المشجعة لإتباع نمط حياة صحي، والتي يرأسها تعديل النشاط البدني والقيام يتمارين رياضية معينة. وتأتي هذه المرحلة ضمن ما أشارت إليه وأكدته التجارب السريرية (أو الإكلينيكية) الحديثة بأن للتعديل المكثف لنمط الحياة أكبر الأثر في علاج حالات متلازمة الإستقلاب أو مقاومة الأنسولين. وقد شمل هذا التعديل في التجارب إتباع نظام غذائي صحي مقرون بالإرشاد الطبي الغذائي، مع ممارسة برنامج رياضي معين.
والجدير بالذكر بأنه لا يوجد أي دواء معين تم إعتماده عالميا لعلاج حالات مقاومة الأنسولين، فيتمحور العلاج حول تعديل نمط الحياة. وقد يتبع بعض مراحل العلاج تناول دواء معين (المتفورمين)، والذي بدوره يحفز خلايا الكبد، والعضلات، والدهون للإستجابة لهرمون الأنسولين المفروز من أجل الوقاية من الإصابة بالسكري، والذي يتم وصفه في حالات معينة حسب حالة الشخص، وقد تم إعتماده من قبل الجمعية الأمريكية للسكري كالدواء الفعال والمناسب الوحيد للحماية والوقاية من السكري. وقد أشارت الدراسات بأن لتناول الدواء في بعض الحالات الأثر الأفضل في الإستجابة لتعديل نمط الحياة، للحصول على تخفيض في وزن الجسم، ولكن هذا يعود لحالات فردية باختلاف الأعراض، وعوامل الخطورة، ونتائج الفحوصات المخبرية.
ونظرا لاستطاعة بعض الأشخاص في تحقيق خفض جيد في الوزن، فقد درج لدينا إتجاه تناول المتفورمين من أجل التنحيف، فأصبح العديد منا يتناول الدواء بدون إشراف طبي، وبدون إعتبار لما قد يتسببه من مشاكل صحية، وبات العديد يشكو من عدم فائدته، وبات البعض الآخر يحلف به ويمدح بنجاحاته.
وحقيقة الأمر بأن لهذا الدواء المفعول في حالات معينة حسب التشخيص الطبي الغذائي، ولا يمكن أن يستفيد منه الشخص إذا لم يحتج فعليا له، أو إذا لم يكن مقرونا ببرنامج غذائي ورياضي مناسب.
المفضلات