تحريض إيراني وتدمير إسرائيلي وتجبير عربي
عبدالله الصوالحة- كوالالمبور- ماليزيا
بعد حرب تموز التي قادتها إسرائيل على جنوب لبنان لم تفرق المدافع والطائرات الإسرائيلية بين قرى لبنان إن كانت ما تسمى شيعية تابعة لحزب الله أو قرى سنة أو مسيحيين أو غيرها، بل أخذت بتدمير البنية التحتية والجسور والمدارس والمستشفيات علاوة على مئات الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن حق مشروع لهم في مقاومة التوغل الإسرائيلي الذي وصل الى مشارف مدينة صور حارثاً وقاتلاً ما أمامه من بشر وشجر وبناء، لنخرج بتصريحات تزف لنا النصر على العدو الصهيوني مكتوب مسبقاً في إيران التي حرضت حزب الله على الهجوم على الدولة الإسرائيلية وعبت الشارع العربي بتصريح لجر وإقناع الشعوب العربية بأن بعض أنظمتها قد بارك هذا العدوان الإسرائيلي على الشعب اللبناني وكأن الشعوب العربية هي التي قتلت الشعب اللبناني وليس الجيش الإسرائيلي.
بعد الدمار الذي شهدته الساحة اللبنانية هبت الدول العربية لإعادة تعمير ما دمره الجيش الإسرائيلي إن كانت من خلال المستشفيات الميدانية أو التبرعات العينية بينما لم نشاهد او نسمع أي تبرع من الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تحرض وتجر الشعوب العربية عن طريق أعوانها في المنطقة العربية والتي أخذت تنحى نحو النهج الإسلامي الذي حل مكان القومية العربية في بعض الدول العربية الى حروب غير متكافئة مع الجيش الإسرائيلي لتبرز دورها الذي تريد أن تلعبه بعدما إستباحت لنفسها الساحة العراقية وإشغال العالم والولايات المتحدة بغزة بدل إشغال العالم بملفها النووي المثير للجدل من وجهة النظر الدولية عن طريق دم الشهداء الذين سقطوا والدمار الهائل الذي حل بكل مقومات الحياة في قطاع غزة لتخرج لنا بمظاهرات تشتم القادة العرب وفتوى تطالب فيها المسلمون بأن ينصر الأشقاء الفلسطينيين ويتقبل شهدائهم في جنان النعيم الخالدة ليخرج أيضاً بعدها بتحويل كل الدمار ودماء الشهداء الى نصر ومعادلة جديدة تريد من ورأئها إيران أن ترسل رسالة الى الرئيس الأمريكي الجديد أوباما ليأخذها في الحسابات الأمريكية الجديدة لتجعل لنفسها طرف في صراعات الشرق الاوسط الجديد وإبقاء باب المساومات مع الامريكيين مفتوحا وإن كان على حساب دماء الشهداء والاطفال الفلسطينيين.
سوف تنتهي المجزرة الإسرائيلية في قطاع غزة وإن طالت لكن ليبقى في أذهان الجميع أن العرب سوف يعيدون إعمار ما خلفه الدمار الإسرائيلي وإن تخلفوا عن ذلك سوف يتهمون من بعض الأطراف وخصوصا إيران بعدم مساعدة الفلسطينيين لتنتهي المعادلة بالتحريض الإيراني والدمار الذي يخلفه الجيش الإسرائيلي وبالتجبير الذي يتكبده العرب نظير سكوتهم وسماحهم للدولة الإيرانية باللعب داخل الدول العربية وجرها نحو مواجهات غير متكافئة ليستغلها الإسرائيليون في تحقيق أهداف خاصة بطموحاتهم التوسعية وتهجير القضية الفلسطينية لكسب مزيد من الوقت للحيلولة دون إنشاء دولة فلسطينية طال إنتظارها.
هذه الحرب الإسرائيلية التي تستفيد فيها من الوقت والإنقسام العربي الذي أشعلته إيران في المنطقة والدعم الأمريكي لإسرائيل والإعتماد على العرب لإعادة بناء ما دمره الجيش الإسرائيلي يتوجب علينا التفكير بما سوف يحدث بعد الإنتهاء من هذه الوحشية الإسرائيلية لتتعامل مع كل المستجدات التي سوف تطرأ على الساحة مستقبلا وأن لا تترك المنطقة العربية ورقة للعب فيها من قبل إسرائيل وإيران والولايات المتحدة.
المفضلات