والآن الدور على الفلسطينيين
الآن وبعد ان تحقق في قمة الكويت هذا الإنجاز الكبير والعظيم الذي تحقق فإن المسؤولية تقع على عاتق الأشقاء الفلسطينيين فقضيتهم التي هي قضية العرب كلهم تتطلب التسامي فوق الخلافات وتتطلب ان تتلاشى الحسابات الحزبية والتنظيمية أمام المصلحة العليا للشعب الفلسطيني الذي طالت مسيرة عذاباته وآلامه والذي حان الوقت كي ينعم بالسلام كباقي شعوب الأرض ويقيم دولته المستقلة المنشودة كما تقيم هذه الشعوب دولها المستقلة.
حرام بل جريمة ان تذهب هذه الدماء التي نزفت من غزة هدراً وألا تقنع كل القوى وكل الفصائل والتنظيمات ، كلها وبدون استثناء ، ان تستفيد من درس الأيام الصعبة الماضية وأن تتحد على موقف الحد الأدنى وأن تضع أقدام الشعب الفلسطيني على بداية الطريق الصحيح نحو إقامة الدولة المستقلة المنشودة.. فهذا الشعب بحاجة الى فترة التقاط أنفاس والأطفال الفلسطينيون بحاجة الى المدارس وبحاجة الى النوم بلا كوابيس وهذا الجرح النازف والراعف بحاجة الى التضميد.
إنها كارثة الكوارث ان يكون هناك اقتتال داخلي حول النصر والهزيمة فوق الركام الذي خلَّفه العدوان الإسرائيلي وفوق أجساد الأطفال الفلسطينيين التي ثقبها الرصاص ومزقتها أنياب الطائرات والدبابات الإسرائيلية فهذا الذي جرى يجب ان يَجُبَّ ما قبله وهذه المأساة التي حلت بغزة وبأهل غزة يجب ان تضع القوى والفصائل الفلسطينية كلها على بداية طريق جديد هو طريق وحدة الصف ووحدة الهدف فالإنحياز يجب ان يكون الى المصالح العليا للشعب الفلسطيني والمفترض ان كل هذه التنظيمات والأحزاب في خدمة فلسطين وليس فلسطين هي التي في خدمة الفصائل وفي خدمة هذه الأحزاب.
لا يجوز بل وهي جريمة ان تبقى هناك دولة رام الله ودولة غزة فهذا لا يخدم إلا الإسرائيليين للتهرب من إستحقاق الدولة الفلسطينية المستقلة يتذرعون بأنهم لا يجدون الطرف الفلسطيني الذي من الممكن مفاوضته في ظل هذا الإنقسام الجغرافي والسياسي الذي إن كان له بعض ما يبرره سابقاً فإنه لم يعد مقبولاً ولا مبرراً بعد هذه الحرب المدمرة الأخيرة التي يجب ألاَّ تتكرر والتي سيكون التسبب في تكرارها جريمة وطنية وقومية بغض النظر عن المتسبب وهويته التنظيمية.
هناك إنجاز تحقق في قمة الكويت سيبقى غير مكتمل إن لم ينته هذا الإنقسام الفلسطيني المـُكْلف والكرة أصبحت الآن ، بعد ان انتشلت الخطوة الجبارة التي قام بها العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز بمساندة ودعم الأردن ومصر ودولٍ عربية أخرى الوضع العربي من الهاوية السحيقة التي كان يقبع فيها ، في الملعب الفلسطيني وأصبح على كل القوى الفلسطينية التي من المفترض ان تلتقي بعد أيام قليلة في القاهرة ان تخرج من حالة التخندق التنظيمي الى الإلتقاء على أرضية برنامج الحد الأدنى الذي تتطلبه هذه المرحلة التي هي مرحلة صعبة وخطيرة بالفعل.
لقد نجحت المبادرة المصرية التي كانت هي بصيص الأمل الوحيد في إيقاف العدوان على غزة لكنها لن تفلح في إستكمال هذا النجاح إن لم تكن هناك إستجابة من قبل كل الأطراف الفلسطينية لما تضمنته بالنسبة لضرورة إنهاء كل هذه الخلافات التي يعاني منها الوضع الفلسطيني وضرورة التخلص من صيغة دولة غزة ودولة رام الله وإنضواء الجميع في إطار واحد هو إطار منظمة التحرير التي يعترف بها العرب كلهم ويعترف بها العالم بأسره.
يجب ان تتجسد الروح التي سادت قمة الكويت بعد مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في لقاء الفصائل الفلسطينية الذي من المفترض ان يتم في القاهرة بعد أيام قليلة بناءً على الدعوة المصرية التي وجهها الرئيس مبارك والمفترض ان يضغط الشعب الفلسطيني مَنْ منه في الداخل ومَنْ منه في الخارج على هذه الفصائل كي تغلب العام على الخاص وكي تتقي الله بشعبها وبالشهداء الفلسطينيين الذين مزقت أجسادهم الصواريخ والمتفجرات الإسرائيلية في هذه الحرب الأخيرة وفي الحروب السابقة وأن تتحد على برنامج الحد الأدنى وتحقق ولو خطوة واحدة الى الأمام.
المصدر
جريدة الراي الاردنية
صالح القلاب
المفضلات