ما أسباب حضور ابرز قادة دول الاتحاد الأوروبي الى الشرق الأوسط الآن؟
نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية اليوم الاثنين مقالاً تحليلياً للكاتب عكيفا الدار تحت عنوان "ما الذي جلب قادة الاتحاد الاوروبي حقاً الى الشرق الاوسط؟" يقول فيه ان اولئك القادة جاؤوا لتثبيت وقف النار الهش وضمان انسحاب القوات الاسرائيلية من قطاع غزة وقد يأتون في المرة المقبلة ليطلبوا انسحابها من الضفة الغربية. وفي ما يأتي نص المقال: "هذه ليست المرة الاولى التي كشف فيها زائرون مهمون من زعماء غربيين ومحليين جلودهم لشمس الشرق الاوسط الساخنة من خلال اعلان كبير ترافق مع التقاط صورة جماعية لهم. شرم الشيخ تحولت الى غرفة استشفاء من الأزمات الاقليمية منذ تفاهمات اوسلو عام 1993، وأصبح لكل جولة من القتال بين اسرائيل والفلسطينيين قمتها الخاصة في شرم الشيخ. أول قمة في شرم الشيخ للعام 2009 سيتم تذكرها على انها استثناء. فقد عقدت بدون مشاركة مباشرة من الأطراف المشاركة في الازمة الاخيرة – أولئك الذين لديهم القدرة لمنع الأزمة القادمة وانقاذنا من قمة شرم الشيخ المقبلة. لدى اسرائيل حكومة انتقالية تنتهي ولايتها في غضون اسابيع قليلة. حماس، وهي الطرف الآخر في الصراع ووقف اطلاق النار، ليست طرفا في الاتفاقات والقمم. والولايات المتحدة، التي تخدم في العادة كأشبين في هذه المناسبات، مشغولة بالتحضير لمراسم أكثر أهمية وتفاؤلا.
مع كل الاحترام الواجب، خصوصاً للمدنيين الذي يعانون في كلا الجانبين، فان وقف اطلاق النار ليس سببا لاحتفال دولي او اغلاق الطريق الرئيسي من القدس الى وسط اسرائيل. ان زعماء بريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا هم رجال ونساء مشغولون. غوردون براون وانغيلا ميركل لن يكترثا بالسفر الى الطرف الآخر من العالم فقط للاشادة بوقف موقت لاطلاق النار في ظل احتلال طويل. نيكولا ساركوزي وسيلفيو برلسكوني لا يشاركان عادة في لقاءات جمع التبرعات لاعادة اعمار مبان مولت من دافعي الضرائب لديهم ودمرت مرة اخرى من جانب اصدقائهم الاسرائيليين. من المرجح جدا ان صورهم في شرم الشيخ ستحقق لهم اصواتا في انتخاباتهم المقبلة.
اذا ما الذي جلب فعلا هؤلاء الأشخاص المهمين والمشغولين الى شرم الشيخ؟ الأوروبيون كانوا يتوقون دائما لدور مركزي في الدبلوماسية العالمية عموما والشرق الأوسط على وجه الخصوص. أمران يقفان في طريقهم. الأول، الهيمنة الأميركية، التي تدفع اللاعبين الدوليين الى دكة الاحتياط. ان ساعات الغسق في واشنطن، عندما تحزم ادارة ما حقائبها قبل ان تتولى الادارة الاخرى – هي فرصة تتاح مرة كل اربع او ثماني سنوات للأوروبيين لكي يعتلوا المنصة الرئيسية. وخلال يومين آخرين فقط سيكون عليهم العودة ليقتاتوا على الفتات من الطاولة التي اعدها الاميركيون لهم، والمعروفة باسم اللجنة الرباعية. وهذا فقط بشرط ان يترك باراك اوباما هذه المؤسسة العاجزة لهم.
والثاني، ان مبادرة بسيطة وسهلة الهضم مثل وقف اطلاق النار هي واحدة من بين تلك المناسبات النادرة التي يمكن للاوروبيين ان ينجحوا فيها بصياغة سياسة متماسكة تتعلق بالنزاع العربي – الاسرائيلي. ومثل هذه الفرصة يجب الا تفوّت، حتى بثمن معانقة السياسيين الاسرائيليين – وهم نفسهم الذين نفذوا العملية التي قتلت مئات الاطفال، ودفنت مئات الملايين من اليورو تحت الأنقاض واشعلت مظاهرات احتجاج وفيضانات من الانتقادات في وسائل الاعلام الاوروبية.
ان قمة شرم الشيخ والعشاء مع ايهود اولمرت قد أظهرت للعالم ان اسرائيل بحاجة دائما الى شخص راشد مسؤول في المكان لتهدئة الأمور ووقف التدهور. واليوم اهتم الاوروبيون بالمجيء الى هناك لبدء تنفيذ وقف اطلاق النار في غزة. وغدا سيأتون لاخراجنا من الضفة الغربية.
الحقيقة الدولية – الرصد الاخباري Monday, January 19, 2009
المفضلات