وانطلقنا من هنا.. وبعد أن استأذنا الفلسطيني الشهيد، هذا الجندي المجهول، المنتصب القامة والمتجهة أنظاره وإشارته وإرادته نحو القدس.. انطلقنا لنشكل جسرا للتواصل بالمحبة ما بين الإنسان الفلسطيني وعقله وروحه وثقافته وتاريخه، ومستقبله ومصير قضيته الوطنية، وحريته المهددة بالانحسار..فما يحدث من عملية إفناء منظمة وجرائم ضد الإنسانية تفوق فظاعتها ما نعرفه من أنواع الجريمة. وتتجاوز في أهدافها عمليات القتل، أن ما يحدث هو هزة قد يتبعها زلزال يحول الشخصية الوطنية الفلسطينية إلى ركام، ويهبط بمستوى إنسانيتنا إلى طين ووحل الهمجية. مؤامرة تدفع الفلسطيني لتصويب رصاصه إلى قلب أخيه الفلسطيني حيث فلسطين.. ولكم أن تتخيلوا كيف يطفئ الفلسطيني نور وطنه بفوهة الجهل والانقياد الأعمى، فيكون قاتل نفسه ووطنه هو نفسه البادئ بالضغط على الزناد..
انطلقنا معلقين على قلوبنا رسم تراب وماء وسماء الوطن "فلسطين" وكتبنا بالأحمر هذا التحذير: هذا قلبي يا أخي..فأطلق رصاصك فانك قاتل وطنك !!
فالقاتل مقنع، ملثم، خفي الوجه، معدوم الضمير، متحجر القلب..بل قل هناك من ضغطه وحوله إلى فحم حجري يشتعل بأمر ملتهب، فيحرق فلذات أكبادنا "أطفالنا" ويأتي بناره على بيت العائلة الفلسطينية المقدسة. لذا فقد اخترنا أن نصوم ونضرب عن الطعام.. وقد تسجل لواحد منا لحظة نهاية أو مشارفة على الموت أو موت أكيد.. ولكن خير لنا ألف مرة أن نختار موتنا على طريقتنا، على أن يختاره لنا مجرم متمرس غضنفر !!
فلسطين لكل الفلسطينيين، والإنسان عظيم بأصغريه: قلبه ولسانه..فكم يجب أن نجوب الدنيا مرات ومرات حتى نعرف كم هي كبيرة فلسطين، وكم من لغة ولسان من لغات الأمم وألسنتها نحتاجها حتى نكتب تاريخ فلسطين وحاضرها ومستقبلها.
هو مخلوق مجهري هذا الذي يظن أن فلسطين مخطوط موروث، أو كتاب مدون بين دفتي سجلات حزبه..بل هو فيروس ينقل الموت أمراضا إلى الجسد " الوطن ".. ففلسطين أعظم من وطن، وأكبر من عديد شعب.. فالجغرافيا والحدود تتبدل وتنحسر، والناس قد يكون أمواتهم أكثر من مواليدهم، لكن الفكرة لا تزول أبدا،، بل تتعاظم كلما سما وارتقى الإنسان.. فاجعلها في قلبك أيها الفلسطيني
المفضلات