مر يومان على الأسد وهو من دون طعام، شعر بالجوع الشديد ينهش معدته، وقد بدأ يحس أن التعب يهدّ جسمه.
وهكذا قرر أن يخرج من عرينه للبحث طعام. كان يدرك أنه سوف يقوم بافتراس أي حيوان يصادفه من اجل أن يملأ معدته الخاوية.
بحث في جهات الغابة الأربع فلم يجد شيئا يأكله، وازداد جوعه وتعبه، فقرر التوجه الى البحيرة من أجل أن يستريح من عناء تعبه، كما أنه كان يأمل في العثور على حيوان ما هناك، يلتهمه ليزيل به هذا الجوع الذي لم يعد معه قادرا على السير.
حين اقترب من البحيرة، شاهد من بعيد غزالة جميلة تبرد جسمها من حرارة الشمس، فأخذ بالسير على مهل من أجل أن لا تشعر به، ثم جلس بهدوء ينتظرها إلى حين خروجها من الماء.
كانت الغزالة شاردة الذهن، ولم تتنبه إلى الأسد الذي كان ينتظرها، وحين أرادت الخروج شاهدت الأسد رابضا في مكانه، فاستولى عليها الخوف الشديد، وظنت للحظة أن حياتها قد انتهت.
ولكنها فكرت بسرعة في حيلة تنجيها من هذا الخطر، وتجنبها الوقوع فريسة سهلة، فأخذت تنشف نفسها ببطء، ثم قالت مخاطبة الأسد بصوتها الناعم الجميل:.
يا ملك الغابة.. يا ملك الغابة.
نظر الأسد نحوها، وقال:.
ما بك أيتها الغزالة الجميلة؟.
قالت الغزالة وهي تزيد من دلالها ورقة صوتها:.
- ألا تعلم أن اليوم هو يوم زفافي، وسوف تحضر جميع الغزلان والحيوانات بعد قليل عند البحيرة.
نظر الأسد في وجه الغزالة، وكأنه كان يريد أن يعرف مدى صدقها، ولكن الغزالة كانت تبتسم في وجهه ببراءة كبيرة، لذلك ابتسم وهو يبلع بريقه، ويقول: ألف مبروك لك أيتها الغزالة الجميلة، ولكن متى سيبدأ الحفل؟ قالت الغزالة مبتسمة: بعد قليل فقط سيبدأ المدعوون بالوصول.
فكر الأسد بالعدد الكبير من الغزلان والحيوانات الأخرى التي سوف تكون متواجدة في الحفل، فازداد طمعه، فرمى بنفسه إلى جانب البحيرة، وأخذ يتخيل العدد الكبير من الفرائس التي سوف يقوم بالتهامها، وبينما هو كذلك لم ينتبه إلى الغزالة التي مرت من أمامه كالسهم مطلقة ساقيها بأقصى سرعة، وهي تضحك في سرها من غباء الأسد الذي أعماه الطمع.
المفضلات