يتدارس السجينان (مؤبد) الشقيقان كمال ومحمد الصبيحي، من عسفيا، امكانية تقديم طلب في غضون الشهور القليلة المقبلة يقضي باعادة محاكمتهما، بعد ان وجدت "المرافعة العامة" التي ترافع عن الاثنين، أدلّة جديدة، تشير – باعتقاد المرافعة العامة – إلى أن افراد الشرطة الذين تولوا التحقيق معهما في ملابسات جريمة قتل الجندية "دفنا كرمون"، قبل 26 عامًا قد تجاوزوا صلاحياتهم
ويشار الى أن هذه القضية قد بدأت في الحادي عشر من يونيو حزيران عام 1982، حين خرجت الجندية المذكورة من منزلها في حيفا بصحبة صديقة لها لزيارة عائلات اصدقائهما في الجيش. وعادت دفنا في ساعات المساء وحدها، لكنها لم تصل الى البيت. وبعد ثلاثة اسابيع عثر احد الرعاة على (بقايا) جثتها بالقرب من قرية عسفيا على جبال الكرمل.
وبقيت دوافع وملابسات مقتل الجندية غامضة ومجهولة، حتى آذار مارس عام 1984، عندما اقترح المدعو احمد كزلي، وهو أحد المتهمين في جريمة قتل الفتى الحيفاوي داني كاتس،على المحققين معه في هذه الجريمة ان يدلي لهم بمعلومات تتعلق بمقتل الجندية، مقابل التعاطي معه كشاهد ملكي في جريمة قتل الصبي. وادت هذه "المعلومات "الى اعتقال ثلاثة مشبوهين اضافيين هم الشقيقان كمال ومحمد صبيحي، وقريبهما عاطف صبيحي، وقد اعترف جميع المشبوهين في هذا الملف (قتل الجندية) بالتهم المنسوبة اليهم.
الجندية "دفنا كرمون"
وفي عام 1987 ادين كمال ومحمد بقتل الجندية، وتضمنت لائحة الاتهام بحقهما بنودًا تتعلق بالخطف لغرض الاغتصاب، وبالاغتصاب والقتل. وحكم على الاثنين بالسجن المؤبد مرتين. وقدم المدانان استئنافً ضد الحكم الى محكمة العدل العليا، لكنها ردته، كما رد استئناف المدانين الاثنين الآخرين (عاطف صبيحي واحمد كزلي). واستندت الاستئنافات إلى الطعن في صحة الاعترافات وفي اعادة تمثيل الجريمة. وفي عام 1999 تقدم الاربعة بطلب الى العليا يقضي باعادة محاكمتهم، لكن القاضي (المتقاعد حاليًا) اهرون باراك، ردّ الاستئنافات
المتهمون الأربعة في قفص الإتهام
الله يجازيكم!
وكان محمد صبيحي قد هتف مخاطبًا القضاة بعد ادانته بارتكاب الجريمة:"انكم تحاكموننا على أمر لا دخل لنا به.. الله يجازيكم"!
وهتف كمال:"الجمهور (اليهودي) هو الذي اصدر حكمه بحقنا، القاتل حرّ طليق، لا عدالة في دولة اسرائيل"!
وفي السنوات الأخيرة ثارت شكوك حول هوية القتلة الحقيقيين في هذا الملف. وقبل أيام قالت مصادر في"المرافعة العامة" ان هذا الملف برمته واجه منذ بداية التحقيق والبتّ فيه اشكاليات معقدة. واضافت هذه المصادر أن أي ملف يستند فقط على اعترافات المتهمين- بحاجة الى الفحص والتمحيص مرارًا وتكرارًا!
واشارت المصادر المذكورة إلى انه قبل اعتراف الاربعة بارتكاب جريمة القتل، "أعترف" شخص آخر بأنه هو القاتل، وفي وقت لاحق تبيّن ان هذا الشخص"ناقص العقل". وهنا ربطت "المرافعة العامة" ما بين هذا "الاعتراف" المشكوك به وبين "اعترافات" الاربعة، وقال مصدر مطلع في "المرافعة" ان اعترافات الاربعة تشبه الى حد بعيد (وغريب) اعتراف الرجل الناقص العقل! "الأمر الذي يثير الشك ويستوجب اعادة النظر"!
القاضي المتقاعد البروفيسور دان باين
أدلّة جديدة
وفي الشهورالأخيرة، تعكف المحامية عنبال روبنشطاين، وهي المرافِعة العامة في اسرائيل، ونائبها د.يوآف سبير والمحامية افرات بينك – على فحص ادلة جديدة في هذا الملف، للاستناد اليها في طلب اعادة المحاكمة. ومن بين الأدلة الجديدة ملف استخباري سري لم يُعرض على الدفاع خلال المحاكمة. وتبين من هذا الملف السري ان احد المستنطِقين المكلفين من قبل الشرطة باستدراج المتهمين للاعتراف (وكان هذا المستنطِق يقبع في نفس الزنزانة مع الشقيقين كمال ومحمد) – انه كذب حين نقل اعترافهما. كما تشكك المرافعة العامة في صحة شريط اعادة تمثيل الجريمة.
وجدير بالذكر ان طلب اعادة المحاكمة سيقدم بعد شهور(وليس الآن) لان أمام المرافعة العامة التي ستقدم الطلب مواد كثيرة تستلزم الفحص والدراسة والتمحيص.
وتعقيبًا على هذه المستجدات قال القاضي المتقاعد، البروفيسور دان باين، ان التهم الموجهة الى الاربعة المذكورين"قد ثبتت بشكل لا يقبل الشك"، علمًا بان القاضي المذكور كان واحدًا من اعضاء هيئة المحكمة التي اصدرت حكم الادانة بحق الاربعة في يناير كانون الثاني عام 1987. واللافت ان هذا القاضي استدرك قائلاً في تصريحه الأخير:"التأكيد المطلق موجود فقط عند الله"!
ورفض البروفيسور باين التطرق الى جزء من الأدلة الجديدة التي تنوي "المرافعة العامة" الاعتماد عليها في طلب اعادة المحاكمة!
المفضلات